كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 4)

ومسودّة الأرجاء قد خضت جالها ... وروّيت من قعر لها غير منبط
خميص الحشا يروى على كلّ مشرب ... أمينا على سرّ الأمين المسلّط
وقال بعض الكتّاب:
وما روض الربيع وقد زهاه ... ندى الأسحار يأرج بالغداة
بأضوع أو بأسطع من نسيم ... تؤدّيه الألاقة من دواة
وقال آخر في وصف محبرة:
ولجّة بحر أجمّ العباب ... باد وأمواجه تزخر
إذا غاص فيه أخو غوصة ... سريع السّباحة ما يفتر
فأنفس بذلك من غائص ... بديع الكلام له جوهر
وأكرم ببحر له لجّة ... جواهرها حكم تنثر
وقال ثمامة بن أشرس: ما أثرته الأقلام، لم تطمع في درسه الأيام. ونظر المأمون إلى جارية من جواريه تخطّ خطاّ حسنا، فقال فيها:
وزادت لدينا حظوة حين أطرقت ... وفي إصبعيها أسمر اللون أهيف
أصمّ سميع، ساكن متحرّك ... ينال جسيمات المنى وهو أعجف «1»
وقال بعض الكتاب:
إذا ما التقينا وانتضينا صوارما ... يكاد يصم السامعين صريرها
تساقط في القرطاس منها بدائع ... كمثل اللآلي نظمها ونثيرها
قال بشر بن المعتمر: القلب معدن، والحلم «2» جوهر، واللسان مستنبط، والقلم صائغ، والخط صيغة.
وقال سهل بن هارون: القلم لسان الضمير، إذا رعف «3» أعلن أسراره وأبان آثاره.

الصفحة 280