كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 4)

فصول في التنصل
كتب ابن مكرم: لاو عظيم أملي فيك ما أتيت فيما بيني وبينك ذنبا مخطئا ولا متعمّدا، ولعل فلتة لم ألق بالا، فأوطيء لها اعتذارا، وإلا تكن فنفثة حاسد زخرفها على لسان واش، نبذها إليك في بعض غرّاتك، أصابت مني مقتلا وشفت منه غليلا.
وفصل: ليس يزيلني عن حسن الظنّ بك فعل حملك الأعداء عليه، ولا يقطعني عن رجائك عتب حدث عليّ منك؛ بل أرجو أن تتقاضى كرمك إنجاز وعدك، إذ كان أبلغ الشفعاء إليك، وأوجب الوسائل لديك.
وفصل: أنت- أعزك الله- أعلم بالعفو والعقوبة من أن تجازيني بالسوء على ذنب لم أجنه بيد ولا لسان، بل جناه علي لسان واش، فأما قولك: إنك لا تسهّل سبيل العذر؛ فأنت أعلم بالكرم وأرعى لحقوقه وأعرف بالشرف وأحفظ لذماماته «1» من أن تردّ يد مؤمّلك صفرا من عفوك إذا التمسه، ومن عذرك إذا جعل فضلك شافعا فيه وذريعة له.
وفصل لإبراهيم بن العباس: الكريم أوسع ما تكون مغفرته إذا ضاقت بالمذنب معذرته.
وفصل: يا أخي، أشكو إلى الله وإليك تحامل الأيام عليّ، وسوء أثر الدهر عندي، وأني معلق في حبائل من لا يعرف موضعي، ولا يحلو عنده موقعي، أطلب منه الخلاص فيزيدني كلفا، وأرتجي منه الحق فيزداد به ضنا، فالثواء ثواء مقيم، والنية نية ظاعن والزّماع «2» زماع مرتحل؛ ما أذهب إلى ناحية من الحيلة إلا وجدت من دونها مانعا من العوائق؛ فأحمل الذنب على الدهر وأرجع إلى الله بالشكوى، وأسأله جميل العقبى وحسن الصبر.

الصفحة 314