كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 4)

فصول لعمرو بن بحر الجاحظ
منها فصول في عتاب.
أما بعد، فإن المكافأة بالإحسان فريضة، والتفضل على غير ذوي الإحسان نافلة.
أما بعد فليكن السكوت على لسانك إن كانت العافية من شأنك.
أما بعد، فلا تزهد فيما رغب إليك، فتكون لحظّك معاندا، وللنعمة جاحدا.
أما بعد، فإن العقل والهوى ضدان، فقرين العقل التوفيق، وقرين الهوى الخذلان، والنفس طالبة، فبأيهما ظفرت كانت في حزبه.
أما بعد، فإن الأشخاص كالأشجار، والحركات كالأغصان، والألفاظ كالثمار.
أما بعد، فإن القلوب أوعية والعقول معادن، فما في الوعاء ينفد إذا لم يمدّه المعدن.
أما بعد، فكفى بالتجارب تأديبا، وبتقلب الأيام عظة، وبأخلاق من عاشرت معرفة، وبذكرك الموت زاجرا.
أما بعد، فإن احتمال الصبر على لذع الغضب، أهون من إطفائه بالشتم والقذع.
أما بعد، فإن أهل النظر في العواقب أولو الاستعداد للنوائب؛ وما عظمت نعمة امريء إلا استغرقت الدنيا همّته، ومن فرّغ لطلب الآخرة شغله جعل الأيام مطايا عمله والآخرة مقيل مرتحله.
أما بعد، فإن الاهتمام بالدنيا غير زائد في الرزق والأجل، والاستغناء غير ناقص للمقادير.
أما بعد، فإنه ليس كل من حلم أمسك، وقد يستجهل «1» الحليم حتى يستخفه الهجر.
أما بعد، فإن أحببت أن تتم لك المقة «2» في قلوب إخوانك فاستقل كثيرا مما توليهم.

الصفحة 325