كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

ثم قال: فكأن السرور نبات ذلك البلد لكثرته فيه، وكأن المدام سحابه؛ لظهور فرح أهله به.
كُلَّما قِيلَ قَدْ تَنَاهَى أَرَانَا ... كَرَماً ما اهْتَدت إليه الكِرامُ
يريد: أنه يبلغ في الكرم ما لا ترتقب الزيادة فيه، ويفعل منه كل ما تنتهي المعرفة إليه، فإذا قيل هذا غاية الكرم، أبدع فيه ما لا عهد لأحد بمثله، ولا يبلغه كريم بجهده.
وَكِفَاحاً تَكِعُّ عنهُ الأعَادي ... وارْتيَاحاً يَحَارُ فيه الأنامُ
ثم قال: وكذلك يظهر في الحرب جلاداً تنكص الأعداء منه على أعقابها، وتفر منه على وجوهها، ثم ذكر أنه يرتاح للكرام ارتياحاً، تحار العقول فيه، وتعجز الأنام عنه.
إنَّما هَيْبَةُ المُؤمَّلِ سَيْفِ الدْ ... دَولَة المُلْكِ في القُلوبِ حُسَامُ
فَكَثيرُ مِنَ الشُّجاعِ التَّوَقِّي ... وَكَثيرُ من البليغِ السَّلامُ
ثم ذكر: أن في القلوب من هيبته، ما يشبه السيف في نفاذه، ثم قال: فالشجاع مقصر عن مباطشته، وكثير له توقيه، والبليغ منقطع عن مفاتحته، ويستعظم لفه أن يسلم عليه.

الصفحة 178