كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

يقول: بعيشك هل سلوت عن الحياة، فإني غير سال عن الحزن عليك، أذكرك وإن كنت بعيداً عن موضعك، وأندبك وإن كنت منتزحاً عن أرضك.
نَزَلْتِ عَلَى الكَرَاهيةِ في مَكَانٍ ... بَعُدْتُ عَنِ النَّعامَى والشَّمَالِ
ثم قال: نزلت مكرهة في منزل بعدت فيه عن الرياح مع شدة هبوبها، وقصرت أن تدركك مع سيرها، فدل على أنها في بطن الأرض، وأشار أبدع إشارة إلى اللحد.
تُحَجَّبُ عَنْكِ رائِحَةُ الخُزَامَى ... وتُمْنَعُ مِنْكِ أنْدَاءُ الطَّلالِ
ثم أكد ذلك بأن قال: تحجب عنك رياح الرياض العبقة، وتمنع منك أنداء طلالها المونقة، وأشار بالخزامى والأنداء إلى الرياض أحسن إشارة، ودل على القبر أبين دلالة، واعتمد الطلال من بين سائر الأمطار؛ لأنها أسمحها في الروض، وقطرها برقته يثبت على طاقات النور، ويرسخ بلينه في الأرض.
بِدَارٍ كُلُّ سَاكِنِها غَرِيْبُ ... طَويلُ الهَجْرِ مُنْبَتُّ الحِبَالِ

الصفحة 190