كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

ولا يُجيرُ عَلَيْهِ الدَّهْرُ بِغْيَتَهُ ... ولا تُحَصِّنُ دِرْعُ مُهْجَةَ البَطَلِ
يقول: إن الله عز وجل قد قرن بسيف الدولة من نصره، وأمده من عونه، بما لا يمنعه الدهر معه من بغية، ولا يجير عليه من اعتقد له معصية، ولا تحصن الدرع دونه مهجة البطل إذا خالفه، ولا تعصمه من الهلاك إذا أراده.
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ لهُ حُلَلاً ... وَجَدْتُها مِنْهُ في أبْهَى مِنَ الحُلَلِ
ثم قال: إنه إذا خلع عليه حلة من شعره، والبسه ثوباً من مدحه، وجد تلك الحلة متزينة بفضله، وذلك المدح متشرفاً بقدره، فهو يرفع الشعر فوق رفعته له، وتزين المدح أكثر من تزينه به.
بذي الغَبَاوةِ من إنشادِهَا ضَرَرُ ... كما تُضِرُّ رياحُ الوَرْدِ بالجُعَلِ
ثم قال: إن ذا الغباوة، وهو الجاهل، إذا أنشد ما يمدحه به، وأسمع ما ينظمه فيه، بعد على فهمه، وأثر ذلك في نفسه، وانكشف له قدر تقصيره، واستضر بحسن قوله، وبديع شعره، كما يستضر الجعل يرياح الورد التي تؤذيه بطيبها، وتقتله بمضادته لها.
لَقَدْ رَأتْ كلُّ عَينٍ مِنْكَ مالِئَها ... وَجَرَّبَتْ خيرَ سَيْفٍ خَيْرَةُ الدُّولِ

الصفحة 224