كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

يقول: تركت خدود الغانيات من نوادبك، والمنعمات من بواكيك، وفوقها دموع مسفوحة عليك، منهملة لمصابك، كأنها ذوب الحسن في العيون الباكيات بها، وصابته في الجفون المذرية لها.
تُبلُّ الثَّرى سُوْداً مِنَ المِسْكِ وَحْدَهُ ... وَقَدْ قَطَرَتْ حُمْراً على الشَّعَرِ الجَثْلِ
الشعر الجثل: الكثير الملتف، والعين النجلاء: الواسعة الحسنة، والجمع نجل.
ثم قال: يقطر من الجفون والخدود على الأصداغ، وقد حمرها الدم، وتبل الأرض من الأصداغ، وقد سودها المسك. فأشار إلى حال بواكيه في النعيم والرفعة، وما هن ببسيله من حر المصيبة.
فَإنْ تَكُ في قَبْرٍ فإنك في الحَشَى ... وإنْ تَكْ طِفْلاً فالأسَى لَيْسَ بالطَّفْلِ
يقول: فإن تك في قبر تضمنك، ولحد قد سترك، فإن مثالك في القلب ساكن، ومحلك في الحشا لطيف، وإن تك طفلاً في سنك، وصغيراً فيما انصرم من
عمرك، فإن الرزء بك ليس بالصغير، والحزن عليك ليس باليسير.

الصفحة 234