كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

فشبههم لجرأة أنفسهم، وجلدهم على
الرزايا إذا طرقتهم، بالرماح والسهام، التي تصيب ولا تصاب، وتهاب ولا تهاب.
عَزَاَءكَ سَيْفَ الدَّولةِ المُقْتَدَى بِهِ ... فإنِّكَ نَصْلُ والشّدَائِدُ للنَّصْلِ
ثم قال لسيف الدولة: (عزاءك المقتدى به، فإنك نصل) بمعنى: تعز عزاءك المقتدى به، فأنت الأسوة في صبرك، والأوحد في كرمك فضلك، وأنت سيف، والشدائد للسيف، يكشفها بحدثه، وينفذ فيها بصرامته.
مُقِيمُ من الهَيْجَاءِ في كُلِّ مَنْزِلِ ... كأنَّكَ مِنْ كُلِّ الصَّوارِمِ في أهْلِ
يقول: أنت مقيم في كل منزل الحرب، تأنس بها، ولا تستوحش لها، حتى كأن صوارمها أهلك، وأسلحتها المتوقعة رهطك، تنصرك ولا تخذلك، وتظفرك ولا تظفر بك.
وَلَمْ أرَ أعْصَى مِنْكَ لِلحُزْنِ عَبْرَةً ... وأثْبَتَ عَقْلاً والقُلُوبُ بلا عَقْلِ
ثم قال: إن عبرته تتعاصى على الحزن؛ لما هو عليه من الجلد والصبر، وإنه أثبت الناس عقلاً إذا أذهبت الحرب العقول بشدتها، وأذهلتها بمخافتها، يشير بذلك إلى استسهاله لأمرها، واستقلاله بحملها.

الصفحة 237