كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

وما الموتُ إلا سَارِقُ دَقَّ شَخْصُهُ ... يَصُولُ بِلاَ كَفَّ وَيَسْعَى بلا رِجْلِ
يقول: وما الموت الذي لا يؤمن في حين الغفلة، ولا يدفع بأشد الحيلة، إلا كسارق مختلس، خفي شخصه، شديد أمره، يصول دون كف يظهرها، ويسعى دون رجل ينقلها، وذلك أشد لبطشه، وأسرع لسعيه.
يَرُدُّ أبُو الشَّبْلِ الخميسَ عن ابنِهِ ... وَيُسْلِمُهُ عِنْدَ الوِلادَةِ للنَّمْلِ
الشبل: ولد الأسد، والخميس: الجيش الكبير.
ثم قال، دالاً على أن حوادث الدهر، لا يمتنع منها بقوة، ولا يدفع محتومها بشدة: يرد الأسد الجيش عن ابنه، ويسلمه لأذى النمل عند ولادته، فيحميه من العظيم الكثير، ويسلمه للحقير اليسير، وضرب في ذلك مثلاً بقيام سيف الدولة بجليل الأمور، وهو مع ذلك لا يدفع الموت عن ابنه، ولا يمتنع منه بنفسه. يريد أنه يعجز عن المخاتلة من لا يعجز عن المبارزة.
بِنَفْسِي وَلِيدُ عَادَ مِنْ بَعْدِ حَمْلِه ... إلى بَطْنِ أمٍّ لا تُطْرِّقُ بالحَمْلِ

الصفحة 239