كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

ثم قال: إذا ما تأملت الزمان وصروفه، وتدبرت الدهر وخطوبة، تيقنت أن ما حتم على الإنسان من الموت، كالذي يتوقعه من القتل؛ لأن الأمرين متساويان في مكروههما، متماثلان فيما يشاهد من عدم الحياة بهما، فما ظنك بشيء يكون آخر
مصيره إلى أكره ما يحذر من أموره، وهذا يوجب الزهد في الدنيا، ويدعو إلى الإعراض عنها، وقلة الأسف عليها.
هَلْ الوَلَدُ المَحْبُوبُ إلاَّ تَعِلَّةُ ... وهل خَلْوةُ الحسناءِ إلا أذَى البَعْلِ
التعلة: الشغل.
فيقول: هل الولد المرغوب فيه إلا شغل لوالده، وفتنة لمنسله، وهل خلوة الحسناء التي تدعو إليه إلا أذى للبعل المتعرض لها؛ لأنه غير مستديم للذتها، ولا حامد للنسل في عاقبتها.
وَقَدْ ذُقْتُ حَلْوَاَء البَنيْنَ على الصِّبَا ... فلا تَحْسِبنِّي قُلتُ ما قُلتُ عن جَهْلِ
والحلوى: معروفة، واسمها يستعار لكل ما استحلي.
ثم قال: وقد ذقت حلاوة البنين في حين الصبوة، والعدم لحقيقة

الصفحة 244