كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

يقول أنت الذي لو يعيبه عائب في ملا يحصلون قوله، ويراقبون كذبه وصدقه، ما عيب إلا بأنه بشر يماثل في كرمه وفضله.
وإنَّ إعطاءهُ الصَّوارِمُ وال ... خَيْلُ وسُمْرُ الرِّماحِ والعَكَرُ
العكر: ثلاث مائة من الإبل، فما زاد على ذلك.
ثم قال: وإن إعطاءه، السلاح التي توجب المنعة، والخيل التي تقرب البغية، والكثرة العظيمة من الإبل التي تضمن الثروة، فعائبه لا يعيبه إلا بيان فضله، وتناهي كرمه. وهذا من البديع باب يعرف بالاستثناء.
فَاضِحُ أعْدائهِ كأنَّهُمُ ... لَهُ يَقِلُّونَ كُلّما كَثُرُوا
يريد: أنه يفضح أعداءه، بظهور فضله فيهم، واستحكام غلبته عليهم حتى كأنهم كلما كثروا يقلون له؛ لأنه يحتقرهم، ويملكهم ويستذلهم، ويقهرهم.
أعَاذَكَ اللهُ مِنْ سِهَامِهِمُ ... وَمُخطِئُ مَنْ رَمِيَّهُ القَمَرُ
ثم دعا له، فقال: أعاذك الله مما يرمونك به من كيدهم، ويوجهونه إليك من مكرهم، وإعاذة الله لك مضمونة، وكفايته متيقنة؛ لأنك القمر في بيان فضلك، وعلو قدرك، ومخطئ من رميه القمر؛ لأنه يحاول ما لا يدركه، ويرمي ما لا يبلغه.

الصفحة 249