كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

وذلك المحبوب لا يخطر بباله رؤيته، لتباعده عنه ولا يتوهمها، لانفصاله بالمسافة المتراخية منه.
نَجْني الكَواكِبَ مِنْ قَلائِدِ جِيدهِ ... وتنالُ عَيْنَ الشَّمْسِ من خَلْخَالِهِ
ثم شبه جواهر عقود محبوبه بالكواكب، ولمعان خلاله بعين الشمس، وذكر أنه بات يجني الكواكب من تلك القلائد، بتناوله لها، وينال عين الشمس من تلك الخلاخل، بلمسه إياها، فأحرز صواب التشبيه فيما شبه به، مما لا زيادة عليه في حسن المنظر، وامتناع الموضع. وأشار إلى المعانقة والملامسة أحسن إشارة، وغير عنهما ألطف عبارة.
بِنْتُمْ عَنِ العَيْنِ القَريحَةِ فِيكُمْ ... وَسَكَنْتُمْ وَطَنَ الفُؤادِ الوَالِهِ
فَدّنَوْتُمُ وَدُنُوُّكُمْ مِنْ عِنْدهِ ... وَسَمَحْتُمُ وَسَماحُكُمْ مِنْ مَالِهِ
الفؤاد: القلب، والوله: ذهاب العقل لشدة الحب
فنقول: بنتم عن العين القريحة من مواصلة البكاء لبينكم، وسكنتم وطن الفؤاد الواله بحبكم، المشغول بذكركم، المقصور على تمثلكم،

الصفحة 252