كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 1)

بِذَا قَضَتِ الأيَّامُ مَا بَيْنَ أَهْلَها ... مَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ
ثم قال، مخبراً عما وصفه من إعوال الروم على ما يستبشر به أهل هذا الجيش: بذا حكمت الأيام بين أهلها، وقضت على من صحبها بتصرفها، أن يكون سرور الغالبين في أسف المغلوبين، ومصائب المنكوبين فوائد عهد قوم آخرين. وهذا مثل سائر، والمثل من أرفع أبواب البديع، قد تقدم تنبيها عليه.
وَمِنْ شَرَفِ الإِقْدامِ أَنَّكَ فِيهُمُ ... عَلَى القَتْلِ مَوْمُوقُ كأَنَّكَ شَاكِدُ
الموموق: المحبوب، والشكد: العطية، والشاكد: المعطي.
فيقول لسيف الدولة: ومن شرف الإقدام أنك على ما تحدثه من القتل في الروم
محبوب منهم، وعلى ما تغشاهم به من المكروه مفضل فيهم، فأنت تقتلهم وكأنك تعطيهم، وتسبيهم وكأنك تحبوهم.
وَأَنَّ دَمَا أَجْرَيَتَهُ بِكَ فَاخِرُ ... وأَنَّ فُؤَادَاً رُعْتَهُ لَكَ حَامِدُ
ثم أكد ذلك، فقال: وإن من قتلته وأجريت دمه، فقد أبقيت له فخراً، لمقاتلته لك، ومن أجليته وروعته، فقد جعلت له عذراً في فراره عنك؛ لأن من قاتلك يستغرب فعله، ومن فر عنك لا يدفع عذره، فهذا

الصفحة 386