كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 2)
فيقول: نزلنا عند إلمامنا بهذا الربع عن أكوار ركائبنا، إعظاماً لقدر من بان فضله عنه، وإيجاباً له، وأكبرناه عن أن نلم به ركابنا، لا نمشي نحوه وزوراً لا نخضع عنده.
نَذُمَّ السحابَ الغُرَّ في فِعْلها بِهِ ... ونُعْرِضُ عَنْها كُلَّما طَلَعَتْ عَتْبَا
الغر من السحاب: الغزار، والعتب: الموجدة.
ثم قال: نذم غزار السحاب فيما تفعله بهذا الربع، من تغيير معالمه، وتعفية رسومه، ونعرض عنها، عند طلوعها، لذلك عاتبين، ونكثر ملامتها متسخطين.
وَمَنْ صَحِبَ الدُّنَيا طَوِيلاً تَقَلَّبَتْ ... عَلَى عَيْنهِ حَتَّى يَرَى صِدْقَها كِذْبَا
الكذب والكذب والكذاب والكذاب: كل ذلك بمعنى.
ثم قال: ومن صحب الدنيا فأطال صحبتها، وعرفها وتحقق خبرتها، تصرفت به أحوالها، واختلفت عليه أمورها، حتى يصير صدقها عنده كذباً لا يثق به، وحقها باطلاً لا يسكن إليه، وضرب هذا مثلا في اختلاف الحال به وبأحبته في القرب والبعد، والقطيعة والوصل.
الصفحة 18
352