كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 2)
طريق حلب؛ قاعدة سلطانه، وموضع استقراره.
وَاَجْفَلَ بالفُراتِ بَنُو نُمَيْرٍ ... وَزَأْرُهُمُ الَّذي زَأَروا خُوَارُ
ثم قال: وأجفل بنو نمير مجتهدين في الهرب من جيش سيف الدولة، وبأسهم الذي
كانوا يظهرونه قد عاد جزعاً وضراعة، واستخذاء واستكانة وانقلبوا من أحوال الأسد الضارية، إلى أحوال الأنعام السائمة، وأشار بالزأر والخوار إلى هذه العبارة.
فهُمْ حِزَقُ عَلَى الخَابُورِ صَرْعَى ... بِهِمْ مِنْ شُرْبِ غَيْرِهمُ خُمَارُ
ثم يقول: إن بني نمير، هذه القبيلة، التي أجفلت بين يدي سيف الدولة، حزق على الخابور، وقد صرعهم كلالهم، وأجهدهم هربهم، وكأنهم في خمار من فرقهم، وفي سكر من مخافتهم وجزعهم، وكان ما نال بني كعب من إيقاع سيف الدولة بهم، أطاش عقولهم، وأسكن الخوف قوبهم، فسكروا مما بنو كعب الشاربون له، وأشفقوا من أن ينالهم مثل الذين امتحنوا به.
فَلَمْ يَسْرَحْ لَهُم بالصُّبْحِ مَالُ ... ولم تُوقَدْ لَهُم باللَّيْلِ نَارُ
ثم قال، مؤكداً لما قدمه من شدة خوفهم: فلم تسرح لهم بالنهار
الصفحة 313
352