كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 2)

ثم يقول: إن مما يعزي عن هذا الهالك، أن السالفين قبلنا قد فارقوا أحبتهم، واختر
مت المنية أنفسهم، ثم أعيا دواء الموت الذي أصابهم، كل طبيب رام طبه، وكل عزيز حاول دفعه.
سُبِقْنَا إلى الدُّنيا فَلَوْ عَاشَ أهْلُها ... مُنْعَنا بها من جَيْئَة وُذُهوب
الجيئة: المرة الواحدة من المجيء، والذهوب والذهاب: مصدران بمعنى واحد، ويشير بالجيئة، والذهوب إلى الموت والحياة.
ثم قال: سبقنا إلى الدنيا، فلو عاش من سبقنا إليها، لغبنا بتقدمه عليها، لأمتنع ما نحن فيه من الذهوب والجيئة، ومن الفناء والنشأة.
تَمَلَّكَها الآتي تَمَلُّكَ سَالبٍ ... وَفَارقها الماضي فِراقَ سَليبِ
ثم قال، مؤكداً لما قدمه من صفة الدنيا: تملكها الناشئ فيها تملك وارث سالب، وفارقها الخارج عنها فراق مسلوب ظاعن، فهذه حقيقة جبلتها، وجبلة خبرتها، وليس يجب أن يحزن منها على فائت لا يرجع، ولا أن يجزع منها لمحتوم لا يدفع.
ولا فَضْلَ فِيها للشَّجَاعَة والنَّدى ... وَصَبْر الفتى لولا لِقَاءُ شَعُوبِ
شعوب: اسم من أسماء الموت.

الصفحة 6