كتاب شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الأول (اسم الجزء: 2)

ثم يقول لسيف الدولة: يعز على هذا الهالك لو أجاب سائله، وأخبر مستخبره، أن يخل بعادته في خدمتك، ويغلب على تصرفه في خدمتك، ويغلب على تصرفه في حضرتك، وتدعوه وهو غير مجيب لدعوتك، ولا قادر على الإسراعِ إلى إنفاذ رغبتك.
وَكُنتُ إذا أَبْصَرُتهُ لَكَ قَائماً ... نَظَرتُ إلى ذي لِبْدَتَيْنِ أَديبِ
اللبدتان: شعر يكون على زبرة الأسد من ناحيتي الزبرة، واحدتها لبدة.
ثم قال: وكنت إذا أبصرته قائماً لك، وشهدته متصرفاً في مجلسك، رأيت منه أسداً باسلاً، وسبعا قاتلاً، أدبيا في لفظه، كريما في معتقده وفعله.
فَإِنْ يَكُنْ العِلْقِ النَّفِيسَ فَقَدْتَهُ ... فَمِنْ كَفَّ مِتْلاَفٍ أَغرَّ وَهُوبِ
ثم يقول لسيف الدولة: فإن كان هذا المفقود علقاً نفيساً فقدته، وعبداً مشفقاً عدمته، فإنما صدر منك عن كف متلف للأعلاق النفيسة، وهاب للأموال العظيمة، وحسبك أن يكون كغيره مما قدم كرم عليك، فوهبته، وما سواه مما كنت تعتد به، فبذلته.
كأَنَّ الرَّدَى عَادٍ عَلَى كُلَّ مَاجدٍ ... إذَا لم يُعَوَّذْ مَجْدَه بِعيُوبِ
ثم قال: كأن الردى لا يعتصم ماجد من عاديته، ولا يستدفع كريم سوء عاقبته، إلا بعيوب متقلدة، وآفات متحملة، وكأن العيوب لأهلها معاذات تحفظهم، وأسباب من أسباب السلامة تعصمهم.

الصفحة 9