كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب، وتردد الخبر في ذلك بين أن يكون من باب الشهادة أو من باب العمل بالأحاديث التي لا يشترط فيها العدد" (¬1).
أدلة القول الأول: القائلين بأن رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار، فيكفي فيها الإخبار من واحد، ولا تشترط فيها الشهادة.
الدليل الأول: عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: أخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني رأيت الهلال, «فأمر الناس بالصيام» (¬2).
وجه الاستدلال: أن ابن عمر - رضي الله عنه - ذكر أنه أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاكتفى بالإخبار ولم يلزمه بالشهادة، فكان فيه حجة لمن أجرى الأمر في رؤية هلال شهر رمضان مجرى الإخبار ولم يحملها على أحكام الشهادات (¬3).
الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال؛ يعني رمضان، فقال: «أتشهد أن لا إله إلا الله؟ » قال: نعم. قال: «أتشهد أن محمدا رسول الله؟ » قال: نعم. قال: «يا بلال، أذن في الناس فليصوموا غدا» (¬4).
وجه الاستدلال: أن الأعرابي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه رأى الهلال فقبل منه - صلى الله عليه وسلم -، فدل على أن الإخبار كاف ولا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى الدعوى (¬5).
الدليل الثالث: ولأن الواحد العدل فيه كاف عند جماعة من العلماء، فلو كان شهادة لما اكتُفيَ بالواحد، ولكان العدد الواجب في ثبوت الشهادة شرطا (¬6).
الدليل الرابع: ولأنه خبر ديني، فأشبه الرواية، والخبر عن القبلة، ودخول وقت الصلاة (¬7).
¬_________
(¬1) بداية المجتهد 2/ 48.
(¬2) سبق تخريجه صفحة (88).
(¬3) ينظر معالم السنن 2/ 103، وسبل السلام 1/ 561.
(¬4) سبق تخريجه صفحة (88).
(¬5) ينظر: معالم السنن 2/ 103, وعون المعبود 6/ 334, وتحفة الأحوذي 3/ 303.
(¬6) ينظر بدائع الصنائع 2/ 81، ومعالم السنن 2/ 101.
(¬7) ينظر: المغني 3/ 165، شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 146.