كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

أدلة القول الأول: القائلين لا يجوز له الفطر سِرّا.
الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصوم يوم تصومون, والفطر يوم تفطرون, والأضحى يوم تضحون» (¬1).
وجه الاستدلال: ظاهر الحديث أن الصوم والفطر لا يكون إلا مع جماعة المسلمين (¬2).
الدليل الثاني: عن أبي قِلابة (¬3)، «أن رجلين رأيا الهلال، وهما في سفر فتعجلا حتى قدما المدينة ضُحى، فأخبرا عمر بن الخطاب (¬4) - رضي الله عنه - بذلك، فقال عمر لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: نعم, قال: لم؟ , قال: لأني كرهت أن يكون الناس صياما، وأنا مفطر، فكرهت الخلاف عليهم، فقال للآخر: فأنت؟ , قال: أصبحت مفطرا, قال: لم؟ , قال: لأني رأيت الهلال فكرهت أن أصوم، فقال للذي أفطر: لولا هذا - يعني الذي صام - لرددنا شهادتك, ولأوجعنا رأسك، ثم أمر الناس فأفطروا وخرج» (¬5).
¬_________
(¬1) أخرجه الترمذي 3/ 71 رقم 697, أبواب الصيام, باب ما جاء في أن الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون, وقال: "هذا حديث حسن غريب", والدارقطني 3/ 114 رقم 2181, كتاب الصيام, وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 440: "إسناده جيد".
(¬2) ينظر: شرح الزركشي على الخرقي 2/ 630.
(¬3) هو: عبد الله بن زيد بن عمرو ويقال ابن عامر, أبو قِلابة الجرمي البصري، من أئمة التابعين, كان ثقة كثير الحديث, روى عن: ابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وغيرهم من الصحابة، روى عنه: ثابت البُناني, وقتادة, وأيوب, وخلق سواهم, توفي بالشام سنة 104 هـ, وقيل بعدها. ينظر: الطبقات 7/ 183, سير أعلام النبلاء 4/ 468, تهذيب الكمال 14/ 542.
(¬4) هو: عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي، أبو حفص الفاروق, أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين, ولد سنة 40 ق هـ, أسلم قبل الهجرة بخمس سنين، بايعه المسلمون خليفة بعد أبي بكر، ففتح الله في عهده الفتوح، ووضع التاريخ الهجري, ودون الدواوين, قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي الصبح سنة 23 هـ. ينظر: الاستيعاب 3/ 1144, الإصابة 4/ 484, تذكرة الحفاظ: 1/ 11.
(¬5) رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 164 رقم 7338، كتاب الصيام , باب أصبح الناس صياما وقد رئي الهلال, واللفظ له, والطبري في تهذيب الآثار 2/ 761 رقم 1125, وابن حزم في المحلى 4/ 378. قال ابن كثير في مسند الفاروق 1/ 271: "وهذا أيضا منقطع".

الصفحة 108