كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان.
اختيار الشيخ: اختار قول الجمهور أن من أفطر ثم تبين أن ذلك اليوم من رمضانا, فإن عليه إمساك بقية يومه ثم يقضيه، فقال: "فلو ثبتت الرؤية لِلَّيْلة الماضية، وجب الصوم من حين ثبوتها".
ثم نقل كلام ابن قدامة , والذي فيه قضاء ذلك اليوم، وأقره (¬1).
تحرير محل الخلاف: هذه المسألة تأتي على صورتين: الأولى: من جاءه الخبر أن اليوم الذي أفطره كان من رمضان، وذلك بعد مضي ذلك اليوم، وهذه الصورة ليست معنا.
الصورة الثانية: من جاءه الخبر بأن اليوم الذي لم يصمه أنه من رمضان أثناء ذلك اليوم، وهي مسألتنا. فاختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: من جاءه الخبر أن هذا اليوم الذي أفطره من رمضان، وجب عليه إمساك بقية يومه، ثم يقضي ذلك اليوم.
وبه قال: الحنفية (¬2)، والمالكية (¬3) , والشافعية في المذهب (¬4) , والحنابلة (¬5)، وهو اختيار الشيخ.
القول الثاني: من جاءه الخبر أن هذا اليوم الذي أفطره من رمضان، يأكل بقية يومه، ولا يلزمه الإمساك، ثم يقضي ذلك اليوم.
وبه قال: الشافعية في قول (¬6) , وأحمد (¬7) في رواية (¬8)، وعطاء في رواية (¬9).
¬_________
(¬1) مرعاة المفاتيح 6/ 424.
(¬2) المبسوط للسرخسي 3/ 55، بدائع الصنائع 2/ 102، البحر الرائق 2/ 311، رد المحتار 2/ 408.
(¬3) تهذيب المدونة 1/ 357، الذخيرة 2/ 522، جامع الأمهات ص 171، التاج والإكليل 3/ 297.
(¬4) الأم 2/ 111، الحاوي 3/ 421, الوسيط 2/ 543, العزيز 6/ 436.
(¬5) الهداية ص 155, الكافي 1/ 444, شرح الزركشي 2/ 599، المبدع 3/ 11, الإنصاف 3/ 281.
(¬6) التنبيه للشيرازي ص: 65، الوسيط 2/ 543، حلية العلماء 3/ 149، فتح العزيز 6/ 436.
(¬7) هو: أحمد بن محمد بن حَنْبل الشَيْباني، أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي, إمام المذهب الحنبلي، وأحد أئمة الفقه الأربعة, وقد كان امتحن ليقول بخلق القرآن؛ فأبى وأظهر الله على يديه مذهب أهل السنة, له: المسند وفيه ثلاثون ألف حديث؛ وفضائل الصحابة, وغيرهما, توفي سنة 241 هـ ببغداد. ينظر: طبقات الحنابلة 1/ 4 - 20؛ تاريخ بغداد 6/ 90؛ سير أعلام النبلاء 11/ 177.
(¬8) ينظر: المغني 3/ 145، الشرح الكبير 3/ 14، الإنصاف 3/ 281. وأنكرها: ابن قدامة.
(¬9) التمهيد 22/ 54، المحلى بالآثار 4/ 293, المغني 3/ 145، مصنف عبد الرزاق 4/ 162 رقم 7330.