كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر الناس بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، أمسكوا في حينه، وأمر من كان أكل أن يمسك بقية يومه، وعاشورا كان حينها فرضا، فالإمساك في رمضان من باب أولى؛ لأن حرمته أشد (¬1).
الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (¬2).
وجه الاستدلال: لما تعذر إمساك جميع اليوم، وجب أن يأتوا بما يقدرون عليه وهو بقية اليوم (¬3).
الدليل الثالث: ولأنه ثبت أن هذا اليوم من رمضان، فوجب إمساكه (¬4).
الدليل الرابع: ولأن الصوم كان واجبا عليه، إلا أنه قد عذر لعدم علمه، فلما تبين أنه من رمضان لزمه الإمساك (¬5).
قال أبو الوليد الباجي (¬6): "لأنه إنما جاز لهم الفطر وهم يظنون أن ذلك اليوم من غير رمضان، فإذا علموا أنه من رمضان كان عليهم الإمساك، وإنما يجوز استدامة الفطر لمن كان له الفطر لعذر مع العلم بأن ذلك اليوم من رمضان فإذا زال العذر كان له استدامة الفطر باقي يومه كالحائض والمريض والمسافر" (¬7).
¬_________
(¬1) ينظر: بدائع الصنائع 2/ 102، والشرح الممتع 6/ 332.
(¬2) أخرجه البخاري 9/ 94 رقم 7288, كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , واللفظ له, ومسلم 4/ 1830 رقم 1337 ,كتاب الفضائل, باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - ...
(¬3) ينظر: كشاف القناع 2/ 308.
(¬4) ينظر: الشرح الممتع 6/ 332.
(¬5) ينظر: الشرح الكبير 6/ 436.
(¬6) هو: سليمان بن خلف بن سعد، أبو الوليد الباجي الأندلسي، من كبار فقهاء المالكية, رحل إلى المشرق ثم عاد إلى بلاده ونشر الفقه والحديث, وكان بينه وبين ابن حزم مناظرات ومجادلات ومجالس, توفي سنة 474 هـ, من تصانيفه: الاستيفاء شرح الموطأ؛ وشرح المدونة؛ وأحكام الفصول في أحكام الأصول. ينظر: الديباج المذهب ص 120؛ تاريخ الإسلام 10/ 365, الأعلام 3/ 125.
(¬7) المنتقى 2/ 40.

الصفحة 114