كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
الدليل الخامس: عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، قال: عجبت ممن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدّة ثلاثين» (¬1).
وفي رواية: «فإن غم عليكم فأتموا شعبان ثلاثين، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك، ثم صوموا رمضان ثلاثين إلا أن تروا الهلال قبل ذلك» (¬2).
الدليل السادس: وعن عائشة (¬3) - رضي الله عنها -؛ قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَفَّظ (¬4) من هلال شعبان ما لا يتحفَّظ من غيره؛ يصوم لرؤية رمضان؛ فإن غم عليه؛ عَدَّ ثلاثين يوما ثم صام» (¬5).
وجه الاستدلال: أن هذه الأحاديث نصوص في أنه لا صوم ولا إفطار إلا بالرؤية للهلال أو إكمال العدة (¬6).
وبيّن حديث حذيفة - رضي الله عنه - أن العدة التي يجب إكمالها حال الغيم هي عدة شعبان وعدة رمضان على السواء (¬7).
¬_________
(¬1) رواه أحمد 3/ 405 رقم 1931, والنسائي 4/ 135 رقم 2125، كتاب الصيام, باب إكمال شعبان ثلاثين إذا كان غيم, واللفظ له، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 6/ 235 رقم 8576, كتاب الصيام, باب الصوم لرؤية الهلال, وقال الألباني في الإرواء 4/ 6: "وهذا سند صحيح".
(¬2) رواه النسائي 4/ 136 رقم 2128, كتاب الصيام, باب إكمال شعبان ثلاثين إذا كان غيم، والدارقطني في السنن 3/ 106 رقم 2165, كتاب الصيام.
(¬3) هي: عائشة الصديقة بنت أبي بكر الصديق, أم المؤمنين، كنيت بأم عبد الله, أفقه نساء المسلمين, وكان أكابر الصحابة يراجعونها في أمور الدين, توفيت سنة 58 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء 2/ 135, الطبقات الكبرى 8/ 58, الإصابة 8/ 231.
(¬4) يتحفّظ: أي يراعي الهلال ويَحرِس عليه. ينظر: مقاييس اللغة 2/ 38، 87، مختار الصحاح ص 76.
(¬5) رواه أحمد 42/ 82 رقم 25161, واللفظ له, وأبو داوود 2/ 298 رقم 2325, كتاب الصوم, باب إذا أغمي الشهر, والدارقطني في السنن 3/ 98 رقم 2149, كتاب الصيام, وقال: "هذا إسناد حسن صحيح", وصححه الألباني في الإرواء 3/ 7.
(¬6) ينظر: سبل السلام 1/ 560.
(¬7) ينظر: تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 3/ 199.