كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
المطلب الأول: تعريف الاختيار.
في اللغة: الخاء والياء والراء أصل واحد بمعنى: الميل، والعطف، والاصطفاء، والانتقاء. والاختيار مصدر اختار يختار اختيارا، ويقال أيضا: خار الشيء بمعنى اختاره، أي: اصطفاه، وفضله على غيره، ومال إليه (¬1).
ومنه قوله سبحانه وتعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬2).
وقوله عز وجل: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} (¬3).
وفي الاصطلاح: عُرِّف الاختيار بأنه ترجيح الشيء وتخصيصه، وتقديمه على غيره (¬4).
وأما تعريف الاختيار مضافا إلى الفقه، فقد اختلفت تعريفات الباحثين له، ومن ذلك:
التعريف الأول: اجتهاد الفقيه في معرفة الحكم الشرعي الصحيح في المسائل المختلف فيها، وذهاب الفقيه إلى قول من أقوال الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة (¬5).
التعريف الثاني: ترجيح رأي من الآراء في مسألة فقهية مختلف فيه، المسوغ يستند إليه (¬6).
والذي ظهر لي والله أعلم أن يقال هو: ترجيح الفقيه حكما شرعيا في مسألة فقهية مختلف فيها، بعد النظر في الأدلة المرعية، وأقوال العلماء.
¬_________
(¬1) ينظر: مختار الصحاح ص 99, ومعجم مقاييس اللغة 2/ 232, ولسان العرب 4/ 266.
(¬2) سورة القصص: الآية: 68.
(¬3) سورة الأعراف: الآية: 155.
(¬4) ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 113. وعلى هذا التعريف يكون الاختيار والترجيح بمعنى.
(¬5) وبهذا عرفه محمود النيجيري في رسالته: "اختيارات ابن القيم الفقهية في النكاح والطلاق", كما ذكره الأخ ماجد بن محمد العبدلي في رسالته: "الاختيارات الفقهية للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري" ص: 43. وحاولت الوصول إلى أصل الرسالة ولكن لم أجده وإنما وجدت ملخصا له في موقع أهل الحديث والأثر نشره صاحب الرسالة.
(¬6) عرفه بهذا التعريف الدكتور محمد محيسن محمد الهلالات في رسالته: "اختيارات ابن القيم في مسائل المعاوضات المالية" ص 34.