كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق حكم الشهادة بعدلين؛ فعُلِم أن حكم الواحد مخالف لحكمهما (¬1). (فمنطوق) (¬2) الحديث قبول شهادة العدلين على الصوم، و (مفهومه) (¬3) أنه إذا لم يشهد عدلان، فلا صوم (¬4).
الدليل الرابع: عن رِبْعِيّ بنُ حِرَاش، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان، فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهلا الهلال أمس عشية، «فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يفطروا» (¬5).
وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة الرجلين على الهلال، فدل ذلك على أن شهادة الواحد غير مقبولة.
الدليل الخامس: "ولأنه حكم شرعي متعلق برؤية الهلال، فوجب أن يكون حكم الإخبار به حكم الشهادات؛ أصله هلال شوال" (¬6).
الدليل السادس: لا يُسَلَّم أن ابن عمر والأعرابي قد شهد كل واحد منهما وحده، بل احتمال أن يكون قد شهد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كل واحد منهما آخرون (¬7).
أدلة القول الثالث: القائلين بأنه إن كان في السماء علة تقبل شهادة الواحد، وإن لم يكن في السماء علة فلا بد أن يكون الشهود جمعا غفيرا.
أدلتهم على قبول شهادة الواحد العدل إن كان في السماء علة هي أدلة القول الأول، إلا أنهم حمَلوها على وجود علة بالسماء (¬8).
¬_________
(¬1) ينظر: المعونة 1/ 455، الحاوي الكبير 3/ 412.
(¬2) المنطوق: هو المعنى المستفاد من صريح اللفظ. وقد يقال: ما دل عليه اللفظ في محل النطق، أي: يكون حكما للمذكور، وحالا من أحواله. ينظر: إرشاد الفحول 2/ 36, أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص 374.
(¬3) المفهوم: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، أي: يكون حكما لغير المذكور، وحالا من أحواله. ينظر: إرشاد الفحول 2/ 36، أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص 374.
(¬4) ينظر: التوضيح لخليل 2/ 379.
(¬5) سبق تخريجه ص (72).
(¬6) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 427.
(¬7) ينظر: نيل الأوطار 4/ 222، ومناهج التحصيل 2/ 65، وكفاية النبيه 6/ 252.
(¬8) ينظر: بدائع الصنائع 2/ 80.