كتاب الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
الدليل الثاني: عن ربعي، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبح صائما لتمام الثلاثين من رمضان، فجاء أعرابيان فشهدا أن لا إله إلا الله وأنهما أهلاه بالأمس، «فأمرهم فأفطروا» (¬1).
الدليل الثالث: عن أبي عمير بن أنس بن مالك قال: حدثني عمومتي من الأنصار، من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس، «فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد» (¬2).
الدليل الرابع: عن أنس (¬3) - رضي الله عنه - أن قوما شهدوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - على رؤية الهلال، هلال شوال، «فأمرهم أن يفطروا، وأن يغدوا (¬4) على عيدهم» (¬5).
وجه الاستدلال من الأحاديث: أن هذه الأحاديث تدل على أن الأصل في أمر الهلال شهادة عدلين (¬6).
وبما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل في ذلك شهادة اثنين فغير جائز قبول أقل منهما (¬7).
¬_________
(¬1) سبق تخريجه صفحة (72).
(¬2) سبق تخريجه صفحة (71).
(¬3) هو: أنس بن مالك بن النضر، النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو حمزة المدني, صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخادمه، خدمه إلى أن قبض, ثم رحل إلى دمشق، ومنها إلى البصرة، فمات بها آخر من مات بها من الصحابة سنة 93 هـ, له في الصحيحين 2286 حديثا. ينظر: طبقات الكبرى 7/ 17؛ معرفة الصحابة 1/ 231, سير أعلام النبلاء 3/ 395.
(¬4) الغَدْوة، وهي: ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس. هذا أصله, ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان. ينظر: المصباح المنير 2/ 443، تاج العروس 39/ 144.
(¬5) رواه البزار في مسنده رقم 7164، وقال: "هذا الحديث أخطأ فيه سعيد بن عامر, وإنما رواه شعبة، عن أبي بشر، عن أبي عمير بن أنس: أن عمومة له ", وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 147: "رجاله رجال الصحيح، إلا أن البزار قال الصواب أنه مرسل".
(¬6) ينظر: مرعاة المفاتيح 6/ 450.
(¬7) ينظر: تهذيب الآثار للطبري 2/ 766.