كتاب العلل لابن أبي حاتم ت الحميد (اسم الجزء: 1)

والمُتَنمِّصات، والمُتَفلِّجات للحُسْن، المغيِّراتِ خَلْقَ الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعَنُ مَنْ لَعَنَ رسولُ الله (ص) ، وهو في كتاب الله؟! فقالت المرأة: لقد قرأتُ ما بين لَوْحَيِ المصحفِ فما وجدتُّهُ، فقال: لئنْ كنتِ قرأتِيهِ لقد وجَدتِّيهِ (١) ؛ قال الله عزَّ وجلَّ: [الحَشر: ٧] {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . فقالتِ المرأةُ: فإني أرى شيئًا مِنْ هذا على امرأتِكَ الآنَ، قال: اذهبي فانظُري، فدخلَتْ على امرأةِ عبد الله، فلم تَرَ شيئًا، فجاءتْ إليه فقالتْ: ما رأيتُ شيئًا، فقال: أَمَا لو كان ذلك لم نُجامِعْها (٢) .
وكما أنَّ اللهَ سبحانه ابتَلَى آدَمَ وذريَّتَهُ بالإهباطِ إلى الأرض، وبِمَكْرِ الشيطانِ وكَيْدِهِ لهم لِيَعْلَمَ مَنْ يُطِيعه ممَّن يَعْصيه، وهو القادر سبحانه على أن يجعلَهُمْ كلَّهم عاملين بطاعته؛ كما قال تعالى: [السَّجدَة: ١٣] {وَلَوْ شِئْنَا لآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَِمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *} ؛ فإنه كذلك ابتلى الأمَّةَ المحمَّديةَ بطريقةِ نقل السُّنَّة النبوية وروايتها، فمِنَ المعلوم أنَّ السُّنَّة لم
---------------
(١) كذا في الصحيحين، بإشباع كسرة تاء المخاطبة، وهي لغةٌ حكاها الخليل الفراهيدي. انظر التعليق على المسألة رقم (١٢٤٣) من هذا الكتاب.
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٤٨٨٦) ، ومسلم (٢١٢٥) . وقوله: «لم نجامعها» هذا لفظُ مسلم. واختلفت روايات البخاري، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٨/٦٣١) : «قوله: ما جامعتُهَا، يَحْتمل أن يكون المراد بالجماعِ: الوَطْءَ، أو الاجتماعَ، وهو أبلغ، ويؤيِّده قوله في رواية الكُشْمَيْهَني: ما جامَعَتْنَا، وللإسماعيلي: ما جامَعَتْنِي» . اهـ.

الصفحة 13