وحديثَ شُعْبَة (١) ، عَنِ الحَكَم (٢) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (٣) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري، عن النبيِّ (ص) ؛ فِي: المَاءُ مِنَ المَاءِ.
فَقَالَ: هُوَ مَنسوخٌ؛ نَسَخَهُ حديثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (٤) ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
١١٥ - وسمعتُ (٥) أَبِي وَذَكَرَ حديثَ أَبِي إِسْحَاقَ (٦) ، عَنِ الأَسْوَدِ (٧) ، عَنْ عائِشَة؛ قَالت (٨) : كَانَ رسولُ اللَّهِ (ص) يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ، وَلا يَمَسُّ مَاءً.
فَقَالَ أَبِي (٩) : سمعتُ نَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ (١٠) يَقُولُ: قَالَ أَبِي: قَالَ شُعْبَةُ: قَدْ سمعتُ حديثَ أبي إسحاق: أنَّ النبي (ص) كَانَ يَنَامُ جُنُبًا، ولكنِّي أَتَّقِيهِ (١١) .
---------------
(١) روايته أخرجها البخاري في "صحيحه" (١٨٠) ، ومسلم في "صحيحه" (٣٤٥) .
(٢) هو: ابن عُتَيبَة.
(٣) هو: ذكوان السَّمَّان.
(٤) تقدم تخريج روايته في المسألة رقم (٨٦) .
(٥) نقل هذا النص مغلطاي في "شرح ابن ماجه" (٢/٧٣١) ، وابن حجر في "النكت الظراف" (١١/٣٧٩-٣٨١) .
(٦) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "مسنده" (٦/١٠٢ رقم٢٤٧٠٦) ، ومسلم في "التمييز" (٤٠) ، وأبو داود في "سننه" (٢٢٨) ، والترمذي في "جامعه" (١١٨ و١١٩) ، وابن ماجه (٥٨١ و٥٨٢ و٥٨٣) ، والنسائي في "الكبرى" (٩٠٥٢) وغيرهم.
(٧) هو: ابن يزيد النخعي.
(٨) في (ت) و (ك) : «قال: قلت» .
(٩) في (أ) : «فقال: إني» .
(١٠) هو: الجَهْضَمي.
(١١) ذكر ابن ماجه أن سفيان الثوري قال: «فذكرت الحديث يومًا، فقال لي إسماعيل - يعني ابن أبي خالد-: يا فتى! يُشَدُّ هذا الحديث بشيء؟» .
وقال مسلم: «فهذه الرواية عن أبي إسحاق خاطئة؛ وذلك أن النخعي وعبد الرحمن بن الأسود جاءا بخلاف ما روى أبو إسحاق» .
ونقل ابن حجر في "النكت الظراف" (١١/٣٨٠) أن أبا داود قال - في رواية ابن العبد -: «هذا الحديث ليس بصحيح» .
وساق أبو داود بسنده عن يزيد بن هارون أنه قال: «هذا الحديثُ وهمٌ» .
وقال الترمذي: «وهذا قول سعيد بن المسيب وغيره. وقد روى غير واحد عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النبي (ص) : أنه كان يتوضَّأ قبل أن ينام، وهذا أصحُّ من حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ. وقد رَوَى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبةُ والثوري وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق» . اهـ.
وقال الدارقطني في "العلل" (٥/٥٨/ب) : «اختلف فيه على الأسود بن يزيد: فرواه أبو إسحاق السبيعي كذلك، واختلف عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: فرواه داود بن الجراح، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن الحارث، عن علي، وَوَهِم فيه، والصواب: عن الأسود، عن عائشة. ويقال: إن أبا إسحاق وَهِم في هذا عن الأسود؛ لأن عبد الرحمن بن الأسود والحكم ابن عيينة روياه فخالفا أبا إسحاق؛ رواه عبد الرحمن بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة، عن النبي (ص) : كان إذا أراد أن ينام توضأ. ورواه الحكم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عائشة نحو قول أبي إسحاق، عن الأسود؛ قال ذلك قيس بن الربيع، عن مغيرة، ولم يتابع عليه. والصحيح من ذلك: ما رواه عبد الرحمن ابن الأسود وإبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة. وقال بعض أهل العلم: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، وأن عائشة قالت: ربما كان النبي (ص) قدَّم الغسل، وربما أخَّره؛ كما حكى ذلك غُضَيف بن الحارث، وعبد الله بن أبي قيس، وغيرهما، عن عائشة، وأن الأسود حفظ ذلك عنهما، فحفظ عنه أبو إسحاق تأخير الوضوء والغسل، وحفظ عبد الرحمن بن الأسود وإبراهيم تقديم الوضوء على الغسل» .
وقال الإمام أحمد: «ليس بصحيح» . وقال مهنَّا عن أحمد بن صالح: «لا يحل أن يروى هذا الحديث» . وفي "علل الأثرم": «لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيمُ وحده لكفى؛ فكيف وقد وافقه عبد الرحمن ابن الأسود، وكذلك روى عروة وأبو سلمة، عن عائشة» . نقل ذلك كله الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/٢٤٥) .
وذكر ابن القيم في "تهذيب السنن" (١/١٥٤-١٥٥) كلام ابن حزم في تصحيح هذا الحديث، وذكر تعقبًا جيدًا لأحد الأئمة عليه، ثم قال ابن القيم: «والصواب ما قاله أئمة الحديث الكبار مثل يزيد بن هارون، ومسلم، والترمذي، وغيرهم؛ من أن هذه اللفظة وهم وغلط؛ والله أعلم» . اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (١/٣٦٢) : «وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق، منهم: إسماعيل ابن أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسلم بن الحجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزجاني، والترمذي، والدارقطني ... وأما الفقهاء المتأخرون، فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله، فظَنَّ صِحَّته، وهؤلاء يظنون أن كل حديثٍ رواه ثقة فهو صحيح، ولا يفطنون لدقائق علم علل الحديث، ووافقهم طائفة من المحدثين المتأخرين؛ كالطحاوي والحاكم والبيهقي» . وانظر "التمهيد" لابن عبد البر (١٧/٣٩) ، و"فتح الباري" لابن حجر (١/٣٩٤) ، و"شرح ابن ماجه" لمغلطاي (٢/٧٣١-٧٣٥) .