كتاب العلل لابن أبي حاتم ت الحميد (اسم الجزء: 3)

وَرَوَى اللَّيثُ بْنُ سَعْدٍ (١) ؛ قَالَ: حدَّثني الزُّهْري؛ قَالَ: حدَّثني ابْنُ الْمُسَيِّبِ؛ قَالَ: اعتَكَفَ رسولُ اللَّهِ (ص) العَشْرَ الأُوَل، ثُمَّ اعتَكَفَ العَشْرَ الوُسَط (٢) ... فَذَكَرَ الحديثَ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ عِنْدِي: الزُّهْريُّ، عَنْ عُروةَ، عَنْ عائِشةَ، وابنُ الْمُسَيِّبِ، عن النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ: اللَّفظانِ قَدِ اختَلَفا؛ فكأنَّه حديثَينِ (٣) ؟
---------------
(١) روايته أخرجها النسائي في "الكبرى" (٣٣٢٣/الرسالة) .
(٢) في (ك) : «الأوسط» . و «الوُسَط» جمع «الوُسْطى» ، والمراد: الليالي. وانظر "المصباح المنير" (٢/٤١١، ٦٥٨) .
(٣) كذا في جميع النسخ «حديثَينِ» بياء قبل النون، وهو خبر «كأنَّ» ؛ فكان حقُّه على لغة جمهور العرب أن يكون مرفوعًا بالألف «حديثان» ، لكنَّ ما وقع في النسخ يخرَّج على وجهين:
الأول: وجه الرفع خبرًا لـ «كأنَّ» على لغة الجمهور، وهذه الياء ليست ياءً خالصة، وإنما هي ألفٌ ممالة - وهي علامة الرفع، «حديثَينِ» ، وإنما كتبتْ ياءً لإمالتها كما كتبوا ألف «مَجْرَ يهَا» ونحوها ياءً لذلك، = = وسبب إمالة الألف هنا: كسرةُ النون بعدها، والياءُ التي قبلها المفصولة عنها بحرف. وانظر الكلام على الإمالة في المسألة رقم (٢٥) ، (١٢٤) .
والثاني: وجهُ النصب خبرًا لـ «كأنَّ» أيضًا، والياء التي قبل النون ياءٌ محضة خالصةٌ «حديثَيْن» ، على لغة بعض العرب الذين ينصبون بـ «إنَّ» وأخواتها الجزأين: الاسم والخبر؛ كما في قول أبي نُخَيْلة [من الرجز] :
كأنَّ أُذْنَيْهِ إذا تَشَوَّفَا
قادمةً أو قَلَمًا مُحَرَّفَا
وانظر الكلام على هذه اللغة في المسألة رقم (٥٥٠) .

الصفحة 105