قال: لا أدري، ما كتبتُ (١) عَنْ أحدٍ غَيْرَ هَذَا الشَّيخِ الخُزاعي (٢) .
٦٧٩ - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الجُرَيري (٣) ، عَنْ أَبِي العَلاء (٤) ، عَنْ مُطَرِّف بْنِ عبد الله بْنِ الشِّخِّير، عَنْ عِمران بْنِ حُصَين، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ صَامَ الأَبَدَ، فَلَا صَامَ ولَا أَفْطَرَ.
قلتُ: رَوَاهُ قَتادة (٥) ، عَنْ مُطَرِّف، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) ؟
قَالَ أَبِي: قَتادةُ أحفَظُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا أَقِفُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلِي شيءٍ؛ يَحْتملُ أنْ يكونَ (٦)
جَمِيعًا صَحِيحَينِ، ومُطَرِّفٌ عَنْ أَبِيهِ ما أدري كيف هو؟!
---------------
(١) في (ت) و (ك) : «ما كتب» .
(٢) قال الطبراني في الموضع السابق من "الصغير": «لم يروه عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المزني إلا حميد الطويل، تفرد به خالد بن عبد الله الطحان» . اهـ.
وتقدم أن ابن أبي عدي تابع خالد بن عبد الله.
(٣) هو: سعيد بن إياس. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (٤/٤٢٦ و٤٣٢ و٤٣٣ رقم ١٩٨٢٥ و١٩٨٧٣ و١٩٨٩٢) ، والنسائي في "سننه" (٢٣٧٩) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢١٥١) ، وابن حبان (٣٥٨٢) ، والطبراني في "الكبير" (١٨/١١٣ و١١٦ رقم ٢١٦- ٢١٨ و٢٢٧) .
(٤) هو: يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير.
(٥) روايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (١٢٤٣) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٩٥٥٢) ، والإمام أحمد في "المسند" (٤/٢٤ رقم ١٦٣٠٤) ، والدارمي في "مسنده" (١٧٨٥) ، وابن ماجه في "سننه" (١٧٠٥) ، والنسائي (٢٣٨٠ و٢٣٨١) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢١٥٠) ، وابن حبان (٣٥٨٣) ، والحاكم في "المستدرك" (١/٤٣٥) ، والضياء في "المختارة" (٩/٤٦٩- ٤٧١) .
(٦) كذا في جميع النسخ، والجادَّة أن يقال: «يكونا» بألف المثنَّى، لكنَّ ما في النسخ صحيحٌ في العربية، وله وجهان:
الأوَّل: على تقدير ضمير الشأن اسمًا لـ «يكون» ؛ كأنَّه قال: «يكون هو [أي: الشأنُ] : هما جميعًا صحيحان» ، ثم حذَفَ المبتدأ «هما» ، وأمال الألفَ من «صحيحان» ؛ فكتبتْ ياءً، انظر في ضمير الشأن المسألة رقم (٨٥٤) ، وانظر في الإمالة التعليق على المسألة رقم (٢٥ و١٢٤) .
والثاني: أن يكون الأصل: «يكونا» ، لكنَّه حَذَفَ ألف المثنَّى، واكتَفَى عنها بالفتحة على النون؛ على لغة هوازن وعليا قَيْس في الاجتزاء بالحركات عن حروفِ المَدِّ الثلاثة؛ فيكتفون بالضمة قبل الواو، وبالكسرة قبل الياء، وبالفتحة قبل الألف، وتكون الحركةُ دالَّةً على الحرف المحذوف، ونائبةً عنه، ويكثر ذلك في الواو = = والياء لثقلهما، ويقلُّ في الألفِ لِخِفَّتِهِ، وقد نسَبَ هذه اللغةَ إلى هوازن وعليا قيس الفرَّاءُ؛ قال البغدادي - بعد نقله كلام الفراء -: «وظاهرُ كلامِهِ: أنَّ هذا لغةٌ لا ضرورة» . اهـ.
وقال ابن الأنباري: «واجتزاؤُهُمْ بهذه الحركات عن هذه الأحرف كثيرٌ في كلامهم، والشواهدُ على ذلك أكثَرُ مِنْ أن تُحْصَى» . اهـ. وقد ذكر هذا غيرُ إمامٍ من أهل العربية؛ وعلى ذلك ورد كلام العرب شعرًا ونثرًا، وخُرِّجَتْ قراءاتٌ متواترةٌ وغيرُ متواترة.
لكنَّ سيبوَيْهِ _ح ذهب إلى أنَّ هذا ضرورةٌ من ضرورات الشعر، لا لغةٌ لبعض العرب؛ وهو محجوجٌ بما ورد من قراءات ثابتة، وبما نُقِلَ عن العرب في ذلك:
فمن شواهد حذف الألف وإنْ كان قليلاً: قراءةُ ابن عامرٍ وأبي جعفر والأعرج: {يَا أَبَتَ} [يوسف: ٤، ١٠٠، ومريم: ٤٢، ٤٣، ٤٤، ٤٥، والقصص: ٢٦، والصافات: ١٠٢] ، قرؤوا بفتح التاء، والأصل: يا أَبَتَا، فحذفت الألف واكتفي بالفتحة قبلها.
ومنها: ما أنشده أبو الحسن الأخفش وابن الأعرابي [من الوافر] :
فَلَسْتُ بِرَاجِعٍ ما فاتَ مِنِّي
بِلَهْفَ ولا بِلَيْتَ ولا لَوَ انِّي
يريد: بلَهْفَا، فاجتزأ بالفتحة عن الألف.
ومن شواهد حذف الواو: قوله تعالى: [الإسرَاء: ١١] {وَيَدْعُ الإِْنْسَانُ} ، وقراءة الحسن ومجاهد والجَحْدَري: () [النّحل: ١٦] {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ *} . وقراءةُ العامَّة {وَبِالنُّجُومِ} .
ومن شواهد حذف الياء: قوله تعالى: [المَائدة: ٣] {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} ، وقوله تعالى: [الفَجر: ١٥] {فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} . وغير ذلك من الشواهد الكثيرة.
وانظر: "الكتاب" لسيبويه" (١/٢٧-٢٨) ، و"الخصائص" (٣/١٣٣- ١٣٦ باب في إنابة الحركة عن الحروف) ، و"سر صناعة الإعراب" (٢/٦٣١- ٦٣٢) ، و"اللباب" للعكبري (٢/١١١- ١١٢) ، و"الإنصاف" لابن الأنباري (١/٣٨٥- ٣٩١) ، (٢/٥٤٤- ٥٤٧) ، و"ارتشاف الضرب" (٢/٩١٤) ، و"مغني اللبيب" (ص٢٥٠ و٧١٦- ٧١٧) ، و"همع الهوامع" (١/٢٢٩- ٢٣٠) ، و"لسان العرب" (١٢/٥٦٩) ، و"خزانة الأدب" (٥/٢٢٩- ٢٣٣) .