كتاب العلل لابن أبي حاتم ت الحميد (اسم الجزء: 3)

الحَرَّة، كَانَا يَسْقِيَان بِهِ - كلَيْهِمَا (١)
- النَّخْلَ. فقال [الأنصاريُّ] (٢) : سَرِّحِ (٣) الماءَ يَمُرَّ، فأَبى عَلَيْهِ، فقال رسولُ الله (ص) : اسْقِ يَا زُبَيْرُ! ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ، فغَضِبَ الأنصاريُّ وَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابنَ عَمَّتِكَ (٤) ؟! فَتَلَوَّن وجهُ رَسُولِ الله (ص) ؛ قال: يَا زُبَيْرُ!
---------------
(١) كذا في جميع النسخ: «كليهما» ، وهي توكيدٌ معنوي لألف المثنَّى في «كانا» ، أو «يسقيان» ، فالجادَّة أن يكون مرفوعًا بالألف: «كلاهما» إتباعًا لمحلِّ ألف المثنَّى، وبالألف جاء في مصادر التخريج، غيرَ أن ما وقع في النسخ الخطيَّة صحيحٌ أيضًا في العربية، وله أوجه ثلاثة:
الأول: الرفع على التوكيد، والأصل: «كلاهما» لكنْ أميلت الألفُ نحو الياء؛ فكُتِبَت ياءً، ولا تنطق إلا ألفًا ممالة: «كِلَيهُمَا» ، وسببُ إمالة الألف هنا: كسرة الكاف قبلها مفصولة عنها بحرف واحد. وانظر للإمالة التعليق على المسألة رقم (٢٥) ، و (١٢٤) .
والثاني: النَّصْبُ مفعولاً به لفعل محذوف، والتقدير: «أعني كِلَيْهِمَا» ، ويقرأ بالياء الخالصة.
وهذان الوجهان ذكر مثلهما النوويُّ في "شرح مسلم" (١/٤١-٤٢) ؛ في نحو قوله: «حدثنا فلانٌ وفلانٌ كِلَيهما عن فلان» .
والوجه الثالث: الجَرُّ على المجاورة للمجرور قبله، وهو الضمير في قوله: «بهِ» ، وهو على ذلك توكيدٌ مرفوعٌ، لكنه جاء بالياء الخالصة للمجاورة، ومن شواهد العربية على جرِّ التوكيد المعنويِّ لمجاورة المجرور: قول أبي الغَرِيب الأعرابي [من البسيط] :
يا صاحِ بَلِّغْ ذَوِي الزَّوجاتِ كُلِّهِمُ
أنْ ليسَ وَصْلٌ إذا انحَلَّتْ عُرى الذَّنَبِ
قال ابن هشام: «كُلِّهم» توكيدٌ لـ «ذَوِي» ، لا للزَّوْجات، وإلا لقال: «كُلِّهِنَّ» ، و «ذوي» : منصوبٌ على المفعولية، وكان حَقُّ «كلهم» النصبَ، ولكنَّه خُفِضَ لمُجاورة المخفوض. "شرح شذور الذهب" (ص٣٤٦) .
(٢) كذا في (ك) ، وهو الصواب، مع أنها منسوخةٌ من (ت) ! وفي بقيَّة النسخ: «للأنصاري» ، وهو خطأٌ؛ انظر مصادر التخريج.
(٣) في (ت) و (ك) : «سرج» .
(٤) في (ك) : «عمك» .

الصفحة 681