كتاب إكمال تهذيب الكمال ط الفاروق (اسم الجزء: 12)

الدين والفضل، وممن رفض الدنيا في جمع السنن، وكثرت عنايته بها وجمعه لها وحفظه إياها؛ حتى صار علما يقتدى به في الأخبار، وإماما يرجع إليه في الآثار، ولد سنة تسع وخمسين ومائة.
وقال العجلي: ما خلق الله تعالى أحدا كان أعرف بالحديث من يحيى بن معين، ولقد كان يجتمع مع أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ونظرائهم، فكان هو الذي ينتخب لهم الأحاديث لا يتقدمه منهم أحد، ولقد كان يؤتى بالأحاديث قد خلطت وقلبت، فيقول: هذا الحديث كذا، وهذا كذا، فيكون كما قال.
وفي تاريخ المنتجالي: لما مات غلقت الحوانيت، وحضر النساء والرجال.
وقال عباس: لما اشتد به وجعه قال: مثلي يموت بالمدينة، فلما دفن في جوار النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وسمعته ينشد:
ألا ليت شعري عن منيتي بعدما ... يمهد لي في قبلة الأرض مضجع
وعن وصل إخوان إني بالموت دونهم ... أيرعون ذاك الوصل أم ينقطع
وهل يصل الإخوان إلا محافظ ... من القوم مرعي الأمانة مقنع
وقال يحيى: ما رددت على يحيى بن سعيد شيئا قط إلا سكت عنه، ولا رددت على عبد الرحمن شيئا قط إلا ضرب عليه.
قال عباس: وأنشدنا أيضا لعبد الله بن إدريس:
ومالي من عبد ولا من وليدة ... وإني لفي فضل من الله واسع
بنعمة ربي ما أريد معيشة ... سوى قصد حال من معيشة قانع
ومن يجعل الرحمن في قلبه الرضا ... يعش في رضى من طيب العيش سمائع

الصفحة 366