كتاب الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه (اسم الجزء: 1)

الخطاب وغيره.
فهذا الحديث موافق لهذه الأصول الثلاثة، الثابتة بالأدلة الموافقة للقياس العادل، فإذا طاوعته الجارية: فقد أفسدها على سيدتها، فإنها مع المطاوعة تنقص قيمتها، إذ تصير زانية، ولا تمكن سيدتها من استخدامها حق الخدمة، لغيرتها منها، وطمعها في السيد، واستشراف السيد إليها، وتتشامخ على سيدتها، فلا تطيعها كما كانت تطيعها قبل ذلك، والجاني إذا تصرف في المال بما ينقص قيمته= كان لصاحبه المطالبة بالمثل، فقضى الشارع لسيدتها بالمثل، وملكه الجارية، إذ لا يجمع لها بين العوض والمعوض، وأيضا: فلو رضيت سيدتها أن تبقى الجارية على ملكها، وتغرمه ما نقص من قيمتها= كان لها ذلك، فإذا لم ترض، وعلمت أن الأمة قد فسدت عليها، ولم تنتفع بخدمتها كما كانت قبل ذلك= كان من أحسن القضاء: أن يغرم السيد مثلها، ويملكها.
فإن قيل: فاطردوا هذا القياس، وقولوا: إن الأجنبي إذا زنى بجارية قوم حتى أفسدها عليهم أن لهم القيمة، أو يطالبوه ببدلها.
قيل: نعم، هذا موجب القياس، إن لم يكن بين الصورتين فرق مؤثر، وإن كان بينهما فرق انقطع الإلحاق، فإن الإفساد الذي في وطء الزوج بجارية امرأته ــ بالنسبة إليها ــ أعظم من الإفساد الذي في وطء الأجنبي.
وبالجملة، فجواب هذا السؤال جواب مركب، إذ لا نص فيه، ولا إجماع.

الصفحة 666