كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

سعيد بن أبي صدَقة، عن ابن سيرين قال: لم يكن أحدٌ أهيَبَ لما (¬١) لا يعلم من أبي بكر - رضي الله عنه -. ولم يكن أحدٌ بعد أبي بكر أهيَبَ لما لا يعلم من عمر - رضي الله عنه -. وأن أبا بكر نزلت به قضيةٌ فلم يجد في كتاب الله منها أصلًا ولا في السنَّة أثرًا، فاجتهد برأيه، ثم قال: هذا رأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأً فمنِّي، وأستغفر الله (¬٢).
فصل
في المنقول من ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
قال ابن وهب: ثنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنَّ عمر بن الخطاب قال وهو على المنبر: يا أيها الناس إنَّ الرأي إنما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصيبًا، إنَّ الله كان يُرِيه، وإنما هو منَّا الظنُّ والتكلُّف (¬٣).
قلتُ: مراد عمر - رضي الله عنه - قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] فلم يكن له رأيٌ غير ما أراه الله إياه. وأمَّا رأيُ غيرِه (¬٤) فظنٌّ وتكلُّف.
---------------
(¬١) في النسخ المطبوعة هنا وفيما يأتي: "بما"، والصواب ما أثبت.
(¬٢) "جامع بيان العلم" (٢/ ٨٣٠)، وعنه في "الصادع" (٢٩٩). وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٣/ ١٦٢ - ١٦٣)، وابن عساكر في "التاريخ" (٣٠/ ٣٢٦ - ٣٢٧، ٣٢٧)، وسنده إلى ابن سيرين صحيح.
(¬٣) ع: "وإنما هو الظن"، أسقط كلمتين. وقول عمر رواه أبو داود (٣٥٨٦)، وسنده ظاهر الانقطاع؛ فإن الزهري وُلد بعد استشهاد عمر - رضي الله عنه - بدهر طويل. وانظر: "جامع بيان العلم" (٢/ ١٠٤٠) و"الصادع" (٣٠١).
(¬٤) في النسخ المطبوعة: "وأما ما رأى غيرُه".

الصفحة 111