كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
الأسانيد وأثر من هذا الآثار (¬١)، فهذه في تعددها واختلاف وجوهها وطُرقها جارية مجرى التواتر المعنوي الذي لا شكَّ (¬٢) فيه، وإن لم يثبُت كلُّ فردٍ فردٍ (¬٣) من الأخبار به.
وقال عبد الرزاق (¬٤): ثنا ابن جريج قال: أخبرني عمرو، قال: أخبرني حُيَيّ (¬٥) بن يعلى بن أمية أنه سمع أباه يقول ــ وذكر قصة الذي قتلته امرأة أبيه وخليلها ــ: إنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إليَّ أن اقتُلْهما، فلو اشترك فيه أهلُ صنعاء كلُّهم لقتلتُهم. قال ابن جريج: فأخبرني عبد الكريم وأبو بكر قالا جميعًا: إن عمر كان يشكُّ فيها حتى قال له عليٌّ: يا أمير المؤمنين أرأيتَ لو أن نفرًا اشتركوا في سرقةِ جَزُور، فأخذ هذا عضوًا وهذا عضوًا، أكنتَ قاطِعَهم؟ قال: نعم. قال: وذلك حين استخرج (¬٦) له الرأي.
---------------
(¬١) يشير المصنف إلى ابن حزم. انظر: "المحلَّى" (٨/ ٣٢١ - ٣٢٢).
(¬٢) في المطبوع: "يشك" متابعة لطبعة الشيخ محمد محيي الدين. وفي طبعة الشيخ الوكيل كما أثبت من النسخ.
(¬٣) كلمة "فرد" وردت في المطبوع مرة واحدة.
(¬٤) في "المصنف" (١٨٠٧٧). ويُنظر "المصنف" لعبد الرزاق (١٨٠٧٣ - ١٨٠٧٦، ١٨٠٧٩)، و"المصنف" لابن أبي شيبة (٢٨٢٦٦ - ٢٨٢٦٨)، و"السنن الكبير" للبيهقي (٨/ ٤٠ - ٤١). وقال الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٢٢٧): وهذا الأثر موصول إلى عمر بأصح إسناد.
(¬٥) غيَّره بعضهم في ت إلى "يحيى". وفي "المصنَّف": "حي" بالتكبير، وكذا ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٣/ ٢٧٤). أما بالتصغير كما في النسخ و"الإحكام" (٧/ ١٧٦) فهو المشهور، وكذا ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (٣/ ٧٤).
(¬٦) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة، وفي مطبوعة "الإحكام" وقع سقط بعد كلمة "حين". وفي "المصنف": "استمدح". ويظهر أن كليهما تصحيف "استهرج". وبهذا اللفظ أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (٢/ ٨٣ - ٨٤) بسنده عن عبد الرزاق. وقال في تفسيره: "أصله في الكلام: السعة والكثرة ... والمعنى: أن رأيه قد قوي في ذلك واتسع لوضوح الدلالة وقرب التمثيل". ولخَّص الهروي في "الغريبين" (٦/ ١٩٢٦) كلام الخطابي وقال: "أي قوي واتَّسع". وقال الزمخشري في "الفائق" (٤/ ١٠١): "أي اتسع وانفرج، من قولهم للفرس الواسع الجري: مِهْرَج وهرَّاج". ويؤكد ذلك أن الحافظ ابن حجر أيضًا أخرجه بسنده عن عبد الرزاق بهذا اللفظ في "موافقة الخُبر الخبر" (٢/ ٤٢٠) وقال: "يعني: وضح".