كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

منه طائفة ما فيه حقيقة الفدية ومعناها، واشترطت له لفظًا معيّنًا، وزعمت أنه لا يكون فديةً وخلعًا إلا به. وأولئك تجاوزوا به، وهؤلاء قصَّروا به.
والصواب: أن كلَّ ما دخله المال فهو فدية بأيِّ لفظ كان. والألفاظ لم تُرَد لذواتها ولا تُعُبِّدنا بها، وإنما هي وسائل إلى المعاني. فلا فرق قطُّ بين [١٣٤/أ] أن تقول: اخلَعْني بألف، أو فادِني (¬١) بألف، لا حقيقةً ولا شرعًا، ولا لغةً ولا عرفًا. وكلام ابن عباس والإمام أحمد عامٌّ في ذلك، لم يقيِّده أحدهما بلفظ، ولا استثنى لفظًا دون لفظ. بل قال ابن عباس: عامة طلاق أهل اليمن الفداء (¬٢).
وقال الإمام أحمد: الخُلْع فرقة، وليس بطلاق (¬٣). وقال: الخلع ما كان من جهة النساء (¬٤). وقال: ما أجازه المال فليس بطلاق (¬٥). وقال: إذا خالَعها بعد تطليقتين فإن شاء راجعها، فتكون معه على واحدة.
---------------
(¬١) في جميع النسخ: "فارقني". والصواب ما أثبت من النسخ المطبوعة، وهو مقتضى السياق.
(¬٢) كذا، وإنما ذكره إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص لابن عباس - رضي الله عنهما -، كذلك رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١١٧٦٥). وذكره الإمام ابن تيمية على الصواب، كما يُرَى في "مجموع فتاويه" (٣٢/ ٢٩٠، ٢٩٧).
(¬٣) انظر: "مسائل عبد الله" (ص ٣٣٩)، و"مسائل الكوسج" (٤/ ١٩٠٢، ١٩٧٤)، (٩/ ٤٦٠٦)، و"الروايتين والوجهين" (٢/ ١٣٦).
(¬٤) انظر: "مسائل عبد الله" (ص ٣٣٩).
(¬٥) في "اختيارات البعلي" (ص ٥٦٦): "قال عبد الله: رأيت أبي يذهب إلى قول ابن عباس، وابن عباس صحَّ عنه أنه كل ما أجازه المال فليس بطلاق". وقد أخرجه عبد الرزاق (١١٧٦٨، ١١٧٦٩).

الصفحة 446