كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وفي "المسند" والترمذي (¬١) عنه: "ما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدُكم إصبعَه في اليَمِّ، فلينظر بم يرجع؟ ".
ومرَّ مع أصحابه (¬٢) بسَخْلة منبوذة فقال: "أترون هذه هانت على أهلها، فوالذي نفسي بيده، لَلدُّنيا (¬٣) أهونُ على الله من هذه على أهلها" (¬٤).
وقال: "إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قومٍ سلكوا مفازةً غبراءَ، لا يدرُون ما قطعوا منها أكثرُ أو ما بقي منها. فحسَرت (¬٥) ظهورُهم، ونفِد زادهم، وسقطوا بين ظهرَي المفازة، فأيقنوا بالهلكة. فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجلٌ في حُلّةٍ يقطرُ رأسه، فقالوا: إن هذا لحديثُ عهدٍ بريف، فانتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء، ما شأنكم؟ فقالوا: ما ترى كيف حسَرت ظهورنا، ونفِدت أزوادنا بين ظهرَي هذه المفازة، لا ندري ما قطعنا منها أكثرُ أم ما بقي؟ فقال: ما تجعلون لي إن أوردتُكم ماءً رَواءً (¬٦) ورياضًا خُضْرًا؟ قالوا: حكمَك. قال: تعطوني عهودكم ومواثيقكم أن لا تعصُوني، ففعلوا،
---------------
(¬١) "المسند" (١٨٠٠٨، ١٨٠٠٩، ١٨٠١٢، ١٨٠١٤) و"جامع الترمذي" (٢٣٢٣). وأخرجه مسلم (٢٨٥٨). وانظر: "أمثال الرمهرمزي" (ص ٨٣).
(¬٢) في النسخ المطبوعة: "الصحابة".
(¬٣) في النسخ: "الدنيا"، تصحيف.
(¬٤) رواه أحمد (١٨٠١٣، ١٨٠٢٠، ١٨٠٢١)، والترمذي (٢٣٢١) ــ وقال: "حديث حسن" ــ، وابن ماجه (٤١١١) من حديث المستورد بن شداد مرفوعا، وفي سنده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف. وله شواهد، منها حديث جابر عند مسلم (٢٩٥٧).
(¬٥) حسَرت الدابة: تعبت وأعيت.
(¬٦) الماء الرَّواء بفتح الراء: الماء الكثير الذي يُروي وارده.