كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

النفس وسرعةِ قبولها وانقيادِها لما ضُرب لها مثلُه من الحقِّ أمرٌ لا يجحده أحدٌ ولا ينكره. وكلَّما ظهرت لها الأمثال ازداد المعنى ظهورًا ووضوحًا. فالأمثال شواهد للمعنى (¬١) المراد، ومزكِّية (¬٢) له. فهو (¬٣) {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: ٢٩]، وهي خاصَّةُ العقل ولبُّه وثمرتُه.
ولكن أين في الأمثال التي ضربها الله ورسوله على هذا الوجه، فهِمنا أن الصُّداق لا يكون أقلَّ من ثلاثة دراهم أو عشرة (¬٤) قياسًا وتمثيلًا على أقلِّ ما يُقطَع فيه السارق؟ هذا بالألغاز والأحاجيِّ أشبَهُ منه بالأمثال المضروبة للفهم! كما قال إمام الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في "جامعه الصحيح" (¬٥) "باب من شبَّه أصلًا معلومًا بأصلٍ مبيَّن قد بيَّن الله حكمَهما لِيفهم السامع" (¬٦).
فنحن لا ننكر هذه الأمثال التي ضربها الله ورسوله، ولا نجهل ما أريد بها؛ وإنما ننكر أن يستفاد وجوبُ الدم (¬٧) على من قطع من جسده أو رأسه ثلاث شعرات أو أربعًا (¬٨) من قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ
---------------
(¬١) ع: "المعنى"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(¬٢) ع، ف: "مركبة". ت: "تزكية".
(¬٣) يعني: المعنى. وفيما عدا س: "وهي". وفي النسخ المطبوعة: "فهي".
(¬٤) "أو عشرة" لم ترد في ح، ف.
(¬٥) في كتاب الاعتصام قبل الحديث (٧٣١٤).
(¬٦) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة. وفي "الصحيح": "ليفهم السائل".
(¬٧) ح، ع، ف: "تحريم وجوب الدم".
(¬٨) ع: "أربع"، وكذا في النسخ المطبوعة.

الصفحة 481