كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ونُصِبت القبلة. ولأجلها جُرِّدت سيوف الجهاد، وبها أمر الله سبحانه جميع العباد. وهي (¬١) فطرة الله التي فطرَ الناس عليها، ومفتاح عبوديته التي دعا الأممَ على ألسُن رسله إليها. وهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وأساس الفرض والسنة، ومن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنّة (¬٢).
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخِيرته من خلقه، وحجته على عباده، وأمينه على وحيه. أرسله رحمةً للعالمين، وقدوةً للعاملين (¬٣)، ومحجّةً للسالكين، وحجّةً على المعاندين، وحسرةً على الكافرين. أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وأنعم به على أهل الأرض نعمةً لا يستطيعون لها شكورًا. فأمدَّه بملائكته المقربين، وأيّده بنصره وبالمؤمنين، وأنزل عليه كتابه المبين، الفارق بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، والشك واليقين. فشرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصَّغار على من خالف أمره (¬٤). وأقسم بحياته
---------------
(¬١) ف: "فهي".
(¬٢) كما في الحديث الذي أخرجه أحمد (٢٢٠٣٤، ٢٢١٢٧) وأبو داود (٣١١٦) من حديث معاذ بن جبل، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة". وفي رواية: "دخل الجنة". وإسناده حسن، وصححه الحاكم (١/ ٣٥١، ٥٠١) وغيره.
(¬٣) ف: "للعالمين" ــ وكذا في النسخ المطبوعة ــ وضبطه بكسر اللام. والصواب ما أثبت من غيرها. وانظر: "طريق الهجرتين" (١/ ٦) و"حادي الأرواح" (١/ ٥) و"تحفة المودود" (ص ٤).
(¬٤) إشارة إلى ما أخرجه أحمد (٥١١٤، ٥١١٥، ٥٦٦٧) مِن حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري". ومداره على عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. ومنهم من قوَّى أمره، ومنهم من ضعّفه، وقد تغيَّر بأَخرة. وخلاصة القول فيه أنه حسن الحديث إذا لم يتفرد بما يُنكر. وعلقه البخاري (٦/ ٩٨ - الفتح) بصيغة التمريض. وقال الذهبي في "السير" (١٥/ ٥٠٩): إسناده صالح. وينظر: "السنن" لسعيد بن منصور (٢٣٧٠)، و"المصنَّف" لابن أبي شيبة (١٩٧٨٣، ٣٣٦٨١، ٣٣٦٨٢)، و"المسند" للبزّار (٨٦٠٦).

الصفحة 5