كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
يُحِلَّه: هذا حلال. وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول: هذا حلال وهذا حرام، إلّا لِما عَلم أنَّ الله سبحانه أحلَّه وحرَّمه (¬١).
وقال بعض السلف (¬٢): لِيتَّقِ أحدُكم أن يقول: أحلَّ الله كذا، وحرَّم الله كذا (¬٣)، فيقولَ الله له: كذبتَ، لَمْ أُحِلَّ كذا، ولمْ أحرِّم كذا.
فلا ينبغي أن يقول لما لا يعلم ورودَ الوحي المُبِين بتحليله وتحريمه: أحلَّه الله، وحرَّمه الله؛ لمجرَّد التقليد أو بالتأويل.
وقد نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أميرَه بُرَيدة أن يُنْزِلَ عدوَّه إذا حاصرهم على حكم الله، وقال: "فإنك لا تدري أتصيبُ حُكمَ الله فيهم أم لا، ولكن أَنزِلْهم على حكمك وحكم أصحابك" (¬٤). فتأمَّلْ كيف فرَّق بين حكم الله وحكم الأمير المجتهد، ونهى أن يسمَّى حكمُ المجتهدين "حكم الله".
ومن هذا: لما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حكمًا حكَم به، فقال: هذا ما أرى اللهُ أميرَ المؤمنين عمرَ، فقال: لا
---------------
(¬١) ع: "أو حرَّمه".
(¬٢) وكذا في "مدارج السالكين" (١/ ٣٧٩) و"أحكام أهل الذمة" (١/ ١١٤). وسيأتي قريبًا منسوبًا إلى الربيع بن خُثَيم، وهناك تخريجه.
(¬٣) ما عدا ح: "وحرَّم كذا".
(¬٤) جزء من حديث بُرَيدة بن الحُصَيب، أخرجه مسلم (١٧٣١) كما سيأتي مرة أخرى عنه بهذا اللفظ، وليس في رواية مسلم: "وحكم أصحابك". والحديث بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في "الأوسط" (١٣٥)، وقال: لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن أبي هلال إلا خالد بن يزيد، تفرَّد به ابن لهيعة. وقد نقله المؤلف في "أحكام أهل الذمة" كما في "الصحيح".