كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقال الشافعي فيما رواه عنه الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه" له (¬١): لا يحِلُّ لأحدٍ أن يفتي في دين الله إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به (¬٢). ويكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثلَ ما عرف من القرآن. ويكون بصيرًا باللغة، بصيرًا بالشعر وما يحتاج إليه للعلم (¬٣) والقرآن، ويستعمل هذا مع الإنصاف. ويكون بعد هذا مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار. وتكون له قريحة بعد هذا. فإذا كان هذا (¬٤) هكذا فله أن يتكلَّم ويفتي في الحلال والحرام. وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي.
وقال صالح بن أحمد: قلتُ لأبي: ما تقول في الرجل يُسأل عن الشيء، فيجيب بما في الحديث، وليس بعالم في الفقه؟ فقال: ينبغي للرجل إذا حمَل نفسَه على الفتيا أن يكون عالمًا بالسُّنن، عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد (¬٥) الصحيحة (¬٦). وذكر الكلام المتقدِّم.
---------------
(¬١) (٢/ ٣٣١ - ٣٣٢). وفي سنده أحمد بن مروان المالكي، اتهمه الدارقطني.
(¬٢) بعده في "الفقيه والمتفقه": "وفيما أنزل".
(¬٣) ح، ف: "العلم". وفي مصدر النقل ما أثبت من غيرهما. وفي النسخ المطبوعة: "للسنَّة"، ولعله تصرف من بعض الناشرين.
(¬٤) "فإذا كان هذا" ساقط من ع لانتقال النظر.
(¬٥) ح، ف: "بوجوه الأسانيد". ولعله سهو. فالمثبت من غيرهما موافق لمصدر النقل وهو "الفقيه والمتفقه"، وكذا ذكره المؤلف قبل قليل، وكذا سيأتي في آخر الكتاب.
(¬٦) سبق تخريجه.

الصفحة 97