كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقال تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: ٢٦]. فقسَّم سبحانه طريقَ الحكم بين الناس إلى الحقِّ وهو الوحي الذي أنزله الله على رسوله (¬١)، وإلى الهوى وهو ما خالفه.
وقال تعالى لنبيِّه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: ١٨ - ١٩]. فقسَّم الأمر بين الشريعة التي جعله هو (¬٢) سبحانه عليها، وأوحى إليه العملَ بها، وأمَر الأمَّة [٢٥/ب] بها؛ وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون. فأمر بالأول، ونهى عن الثاني.
وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣]. فأمَر باتباع المُنْزَل منه خاصَّة، وأعلَمَ أنَّ من اتبع غيرَه فقد اتبع من دونه أولياء (¬٣).
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩]. فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وأعاد الفعل إعلامًا بأنَّ
---------------
(¬١) س، ع: "رسله".
(¬٢) ت، ع: "جعله الله".
(¬٣) انظر نحوه في "الرسالة التبوكية" (ص ٥١)، وسيستدل بالآية أكثر من مرة في هذا الكتاب.

الصفحة 99