كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

قيل: هذا الفرق الذي تخيلتموه، ولا يُجدي (¬١) شيئًا؛ فإن الطلاق هو التطليق بعينه، وإنما أثره كونها طالقًا، وهذا غير الطلاق. فهاهنا ثلاثة أمور مرتبة: التزام التطليق، وهذا غير الطلاق بلا شك. والثاني: إيقاع التطليق، وهو الطلاق بعينه الذي قال الله فيه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الطلاق لمن أخذ بالساق» (¬٢). الثالث (¬٣): صيرورة المرأة طالقًا وبينونتها. فالقائل: «إن فعلتُ كذا فعليَّ الطلاق» [١٦٧/ب] لم يُرد هذا الثالث قطعًا، فإنه ليس إليه ولا هو (¬٤) من فعله، وإنما هو إلى الشارع؛ والمكلَّفُ إنما يلزم ما يدخل تحت مقدرته، وهو إنشاءُ الطلاق. فلا فرق أصلًا بين هذا اللفظ وبين قوله: «فعليَّ أن أطلِّق»، فالتفريق بينهما تفريق بين متساويين، وهو عدولٌ عن محض القياس، من غير نصٍّ ولا إجماع ولا قول صاحب.
يوضِّحه أن قوله: «فالطلاق لازم لي» إنما هو فعله الذي يلزم (¬٥)
---------------
(¬١) كذا في النسخ الخطية: «ولا يجدي»، فخبر المبتدأ هو الاسم الموصول. وفي النسخ المطبوعة حذفوا الواو، لتكون الجملة الفعلية هي الخبر.
(¬٢) رواه ابن ماجه (٢٠٨١) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا. وفي سنده ابن لهيعة، وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه، فكان يُسنده حينًا، ويُرسله أخرى. فليُنظر: «السنن» للدارقطني (٣٩٩٢)، و «السنن الكبير» للبيهقي (٧/ ٣٦٠).
أما ما ذُكِرَ لابن لهيعة من متابعات؛ فليس يصحُّ منها شيءٌ. ويُنظر: «البدر المنير» لابن النحوي (٨/ ١٣٨ - ١٣٩)، و «التلخيص الحبير» لابن حجر (٣/ ٤٤١).
(¬٣) ت: «والثالث».
(¬٤) «هو» ساقط من ع والنسخ المطبوعة.
(¬٥) في النسخ المطبوعة: «يلزمه».

الصفحة 59