كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وقد أنكر الله سبحانه على من ردَّ النبوة بأن الله صرَفَها عن عظماء القرى ورؤسائها وأعطاها لمن ليس كذلك، بقوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: ٣٢]. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثلُ أمتي كالمطر، لا يُدرَى أولُه خير أم آخره» (¬١). وقد أخبر الله سبحانه عن السابقين بأنهم {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: ١٣ - ١٤]، وأخبر سبحانه [٥١/ب] أنه {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، ثم قال: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ثم (¬٢) أخبر أن {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: ٢ - ٤].
وقد أطلنا الكلام في القياس والتقليد، وذكرنا من (¬٣) مآخذهما وحجج أصحابهما وما لهم وعليهم من المنقول والمعقول ما لا يجده الناظر في كتابٍ من كتب القوم من أولها إلى آخرها، ولا يظفر به (¬٤) في غير هذا
---------------
(¬١) رواه الترمذي (٢٨٦٩) وأحمد (١٢٣٢٧) من طريق حماد بن يحيى عن ثابت عن أنس، والحديث حسنه الترمذي، وفي الباب عن ابن عمر وابن عمرو وعمار - رضي الله عنهم -، وصححه الحافظ ابن حجر والألباني. انظر: «التمهيد» (٢٠/ ٢٥٣) و «فتح الباري» (٧/ ٦) و «السلسلة الصحيحة» (٢٢٨٦).
(¬٢) ت: «و».
(¬٣) «من» ساقطة من ع.
(¬٤) ع: «بهما».

الصفحة 169