كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وقد تقدَّم (¬١) أن معاذًا كان لا يجلس مجلسًا للذكر إلا قال حين يجلس: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هلكَ المرتابون ــ الحديث، وفيه: «وأُحذِّركم زيغةَ الحكيم؛ فإن الشيطان قد يقول الضلالةَ على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمةَ الحق». قلتُ (¬٢) لمعاذ: ما يُدرِيني [٦/أ]ــ رحِمَك الله ــ أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال لي: «اجتنِبْ من كلام الحكيم المشبَّهات (¬٣) التي يقال: ما هذه؟ ولا يَثْنِيَنَّك (¬٤) ذلك عنه، فإنه لعله يراجع، وتَلَقَّ الحقَّ إذا (¬٥) سمعتَه، فإنّ على الحقّ نورًا» (¬٦). وذكر البيهقي (¬٧) من حديث حمّاد بن زيد عن المثنّى بن سعيد عن أبي العالية قال: قال ابن عباس: ويلٌ للأتباع من عَثَراتِ العالم، قيل: وكيف ذاك يا أبا عبّاسٍ (¬٨)؟ قال:
---------------
(¬١) (١/ ٢٢٠).
(¬٢) القائل يزيد بن عميرة.
(¬٣) كذا في ت، س. وفي ع: «المشتهرات». ويُروى باللفظين كما بيَّن ذلك أبو داود عندما أخرج الحديث في «سننه» (٤٦١١).
(¬٤) د: «يثنيك». والمثبت من بقية النسخ وأبي داود.
(¬٥) ع: «إذ».
(¬٦) رواه أبو داود (٤٦١١) وصححه الحاكم (٤/ ٤٦٠). وانظر: «سنن أبي داود» تحقيق شعيب الأرنؤوط (٧/ ٢١).
(¬٧) في «المدخل» (٨٣٥) وابن عبد البر في «الجامع» (٢/ ٩٨٤) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (٢/ ٢٧) وابن حزم في «الإحكام» (٦/ ٩٩).
(¬٨) كذا في النسخ و «المدخل»، وهو صواب، فهي كنية عبد الله بن عباس، كما في «السير» (٣/ ٣٣١) و «الإصابة» (٦/ ٢٢٨) وغيرهما. وجعله المحقق في المطبوع: «ابن عباس»، ظنًّا منه أنه الصواب. وفاته أن ذكر المخاطب بالكنية من أساليب العرب قديمًا وحديثًا، يقصدون به إكرامه.