كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وقد قال (¬١) أبي بن كعب وغيره من الصحابة: ما استبانَ لك فاعمَلْ به، وما اشتبهَ عليك فكِلْهُ إلى عالمِه (¬٢).
وقد كان الصحابة يفتون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ بين أظهُرِهم، وهذا تقليد لهم قطعًا؛ إذ قولهم لا يكون حجة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢]، فأوجب عليهم قبولَ ما أنذروهم به إذا رجعوا إليهم، وهذا تقليدٌ منهم للعلماء.
وصحَّ عن ابن الزبير أنه سئل عن الجدّ والإخوة، فقال: أما الذي قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كنتُ متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذته خليلًا»، فإنه أنزله أبًا (¬٣). وهذا ظاهر في تقليده له.
وقد أمر الله سبحانه بقبول شهادة الشاهد، وذلك تقليد له، وجاءت الشريعة بقبول قول القائف والخارِص والقاسم والمقوِّم للمُتْلَفات وغيرها، والحاكمَيْنِ بالمثل في جزاء (¬٤) الصيد، وذلك تقليدٌ محْض.
وأجمعت الأمة على قبول قول المترجم والرسول والمعرِّف والمعدِّل
---------------
(¬١) «قد» ليست في د.
(¬٢) رواه ابن أبي شيبة (٣٠٦٥٥)، والبخاري في «التاريخ الأوسط» (١/ ٦٤)، والحاكم (٣/ ٣٠٣).
(¬٣) رواه البخاري (٣٦٥٨). وفيه: «يعني أبا بكر».
(¬٤) ت: «الجزاء».

الصفحة 45