كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

الصورة الثالثة (¬١): أن يتفقا في عقد البيع على أن يتبايعا شيئًا بثمن ذكراه على أنه بيع تَلْجئةٍ لا حقيقةَ له، تخلُّصًا من ظالم يريد أخذه؛ فهذا عقد باطل؛ وإن لم [٣١/ب] يقولا في صلب العقد «قد تبايعناه تلجئةً». قال القاضي: هذا قياس قول أحمد؛ لأنه قال فيمن تزوج امرأة واعتقد أنه يُحِلُّها للأول: لم يصحَّ هذا النكاح، وكذلك إذا باع عنبًا ممن يعتقد أنه يعصره خمرًا. قال: وقد قال أحمد في رواية ابن منصور (¬٢): إذا أقرَّ لامرأة بدَينٍ في مرضه ثم تزوّجها ومات وهي وارثة، فهذه قد أقرَّ لها وليست بزوجة، يجوز ذلك، إلا أن يكون أراد تلجئةً فيردُّ. ونحو هذا نقل إسحاق بن إبراهيم والمرُّوذي، وهذا قول أبي يوسف ومحمد، وهو قياس قول مالك.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يكون تلجئةً حتى يقولا في العقد «قد (¬٣) تبايعنا هذا العقد تلجئةً».
ومأخذ من أبطله أنهما لم يقصدا العقد حقيقة، والقصد معتبر في صحته، ومأخذ من يصحِّحه أن هذا شرط مقدم على العقد، والمؤثر في العقد إنما هو الشرط المقارن.
والأولون منهم من يمنع المقدمة الأولى ويقول: لا فرقَ بين الشرط المتقدم والمقارن، ومنهم من يقول: إنما ذلك في الشرط الزائد على العقد، بخلاف الرافع له فإن الشارط هنا يجعل العقد غير مقصود، وهناك هو مقصود، وقد أطلق عن شرط مقارن.
---------------
(¬١) نقل المؤلف هذه الصورة من «بيان الدليل» (ص ١١٠ - ١١٢).
(¬٢) «مسائله» (٢/ ٥٠٢).
(¬٣) ز: «وقد».

الصفحة 572