كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

فهذا باطل محرم، لا تحلُّ به الزوجة للمطلق، وهو داخل تحت اللعنة، مع تضمُّنٍ لزيادة الخداع كما سماه السلف بذلك، وجعلوا فاعله مخادعًا لله، وقالوا: من يخادع الله يخدعه. وعلى بطلان هذا النكاح نحو ستين دليلًا.
والمقصود أن المتعاقدينِ وإن أظهرا خلاف ما اتفقا عليه في الباطن فالعبرة بما أضمراه (¬١) واتفقا عليه وقصداه بالعقد، وقد أشهدا الله على ما في قلوبهما فلا [٣٢/أ] ينفعهما تركُ التكلم به حالَ العقد (¬٢)، وهو مطلوبهما ومقصودهما.
الصورة السادسة: أن يحلف الرجل على شيء في الظاهر، وقصده ونيته خلاف ما حلف عليه، وهو غير مظلوم؛ فهذا لا ينفعه ظاهر لفظه، وتكون يمينه على ما يصدِّقه عليه صاحبه اعتبارًا بمقصده ونيته.
الصورة السابعة: إذا اشترى أو استأجر مُكرَهًا لم يصح، وإن كان في الظاهر قد حصل صورة العقد؛ لعدم قصده وإرادته؛ فدلَّ على أن القصد روح العقد ومصحِّحه ومُبطِله، فاعتبار القصود في العقود أولى من اعتبار الألفاظ؛ فإن الألفاظ مقصودة لغيرها، ومقاصد العقود هي التي تُراد لأجلها، فإذا أُلغِيت واعتُبرت الألفاظ التي لا تراد لنفسها كان هذا إلغاء لما يجب اعتباره واعتبارًا لما يسوغ إلغاؤه.
وكيف يقدَّم اعتبار اللفظ الذي قد ظهر كل الظهور أن المراد خلافه؟ بل يُقطع بذلك على المعنى الذي قد ظهر بل قد تيقَّن أنه المراد، وكيف يُنكِر
---------------
(¬١) د: «أظمراه».
(¬٢) د: «حال العقد به».

الصفحة 574