كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وأما السكران فقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، فلم يرتِّب على كلام السكران حكمه حتى يكون عالمًا بما يقول؛ ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يَسْتَنكه المقرَّ بالزنا ليعلم هل هو عالم بما يقول أم غير عالم بما يقول، ولم يؤاخذ حمزة بقوله في حال السكر: «هل أنتم إلّا عبيد لأبي»، ولم يكفّر من قرأ في حال سكره في الصلاة: «لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون» (¬١).
وأما الخطأ والنسيان فقد قال تعالى حكاية عن المؤمنين: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقال الله عز وجل: «قد فعلتُ» (¬٢). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه» (¬٣).
وأما المُكْرَه فقد قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]، والإكراه داخل في حكم الإغلاق.
وأما اللغو فقد رفع الله سبحانه المؤاخذة به حتى يحصل عقد القلب.
---------------
(¬١) تقدم تخريج حديث حمزة والحديث الذي بعده.
(¬٢) رواه مسلم (١٢٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(¬٣) رواه ابن ماجه (٢٠٤٥) والطبراني في «المعجم الصغير» (٧٦٥) والدارقطني (٤٣٥١) من حديث ابن عباس، وصححه ابن حبان (٧٢١٩) والحاكم (٢/ ١٩٨).

الصفحة 594