كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

في مراد المتكلم وأنه رؤية البصر حقيقةً، وليس في الممكن عبارة أوضح ولا أنصُّ من هذه. ولو اقتُرِح على أبلغ الناس أن يعبِّروا عن هذا المعنى بعبارة لا تحتمل غيره لم يقدر على عبارةٍ أوضحَ ولا أنصَّ من هذه، وعامة كلام الله ورسوله من هذا القبيل؛ فإنه مستولٍ على الأمد الأقصى من البيان.
فصل
القسم الثاني: ما يظهر بأن المتكلم لم يُرِدْ معناه، وقد ينتهي هذا الظهور إلى حدّ اليقين بحيث لا يشكُّ فيه السامع، وهذا القسم نوعان؛ أحدهما: أن لا يكون مريدًا لمقتضاه ولا لغيره، والثاني: أن يكون مريدًا لمعنى يخالفه؛ فالأول كالمكره والنائم والمجنون ومن اشتدَّ به الغضب والسكران، والثاني: كالمعرِّض والمورِّي والمُلغِز والمتأوِّل.
فصل
القسم الثالث: هو ظاهر في (¬١) معناه ويحتمل عدم إرادة المتكلم له ويحتمل إرادته لغيره، ولا دلالة على واحد من الأمرين، واللفظ دال على المعنى الموضوع له، وقد أتى به اختيارًا.
فهذه أقسام الألفاظ بالنسبة إلى إرادة معانيها ومقاصدِ المتكلم بها، وعند هذا يقال: إذا ظهر قصد المتكلم لمعنى الكلام أو لم يظهر قصدٌ يخالف كلامه وجب حمل كلامه على ظاهره، والأدلة التي ذكرها الشافعي وأضعافها كلها إنما تدلُّ على ذلك، وهذا حق لا ينازعِ فيه عالم، والنزاع إنما هو في غيره.
---------------
(¬١) «في» ليست في ز.

الصفحة 596