كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

بعض [١٨/ب] ألفاظ الحديث: أن رجلًا أفطر فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكفِّر (¬١). ثم خالفوا هذا اللفظ بعينه فقالوا: إن استفَّ دقيقًا أو بلَعَ عجينًا أو إهْلِيْلَجًا (¬٢) أو طِيبًا أفطر، ولا كفارة عليه.
واحتجوا على وجوب القضاء على من تعمَّد القيء بحديث أبي هريرة (¬٣)، ثم خالفوا الحديث بعينه فقالوا: إن تقيَّأ أقلَّ من مِلْء فيه فلا قضاء عليه.
واحتجوا على تحديد مسافة الفطر والقصر بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرةَ ثلاثة أيام إلا مع زوجٍ أو ذي مَحْرمٍ» (¬٤). وهذا مع أنه لا دليلَ فيه البتةَ على ما ادَّعَوه فقد خالفوه نفسه، فقالوا: يجوز للمملوكة والمكاتَبة وأم الولد السفرُ مع غير زوج ومَحْرم.
واحتجوا على منع المُحرِم من تغطية وجهه بحديث ابن عباس في الذي وَقَصَتْه ناقته وهو مُحرِم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُخَمِّروا رأسَه ولا وجهَه، فإنه يُبعَث يوم القيامة ملبيًا» (¬٥). وهذا من العجب، فإنهم يقولون: إذا مات
---------------
(¬١) رواه البخاري (١٩٣٦) ومسلم (١١١١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
.
(¬٢) ثمر على هيئة حبِّ الصنوبر الكبار، وشجره ينبت في الهند وكابل والصين.
(¬٣) رواه أبو داود (٢٣٨٠) والترمذي (٧٢٠) وحسنه، وابن ماجه (١٦٧٦) وأحمد (١٠٤٦٣)، وقال الدارقطني (٢٢٧٣): رواته كلهم ثقات، وصححه ابن حبان (٣٥١٨) والحاكم (١/ ٤٢٦) على شرط الشيخين، ووافقه الألباني، واحتجَّ به ابن تيمية. وانظر: «الإرواء» (٤/ ٥١) و «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٢١ - ٢٢٢).
(¬٤) رواه مسلم (١٣٤٠) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بلفظ قريب منه.
(¬٥) تقدم تخريجه.

الصفحة 68